مواد كثيرة نقرأ عنها يومياً، يروّج أصحابها لكونها ضد الحريق أو ضد الماء أو غيره، إلا أنه يندر أن نقرأ عن المطاط كمادة تصنيع للاثاث المنزلي، إذا استثنينا قفازات المطبخ بالطبع. فقد ارتبط المطاط بالاذهان بما هو خارج المنزل كإطارات السيارات. كان الشائع عن المطاط أنه مادة خام للمصانع لا للاستعمال الداخلي. لكن هل هناك من سمع عن وجود مصانع تهتم بالارضيات المعتمدة على المطاط؟ لقد بدأت الفكرة تتسلل إلى المنازل، بعد أن كانت قصراً على أرضيات الشركات والمكاتب. أرضية من المطاط وبألوان متعددة! وما جعل الاعلام يركز على الفكرة، اهتمام مصنع "دالسوبل" باجراء مسابقة للفنانين، يستدرج من خلالها العديد من التصاميم المحتملة لهذه الخامة، وقد طلب من المتسابقين أن يقدموا أفكاراً مبتكرة ومعاصرة، يمكن استخدامها في الديكور الداخلي. ترك المسؤولون عن المنافسة مجال الحرية المطلقة للمتقدمين، في التعبير عن أفكارهم وتخيلاتهم الغرائبية. وفوجئت جولي ميللر مسؤولة العلاقات العامة في المصنع من الاستجابة الكبيرة للمسابقة. فقد تقدم لها أكثر من مئتي متنافس لا من بريطانيا وحدها، بل من البلدان الأوروبية الأخرى أيضاً. والمفاجئ كذلك أن المتقدمين انقسموا ما بين طلاب وفنانين. وعرضت تصاميمهم في معرض "100 في المئة ديزاين شو" الذي افتتح في لندن أخيراً. تقول ميللر: "لم ننتبه من قبل إلى أن المطاط خامة فرضت نفسها على المصممين المتخصصين". أما بالنسبة إلى التصاميم المشاركة فقد انقسمت ما بين تصاميم رسوم وغرافيك على الكومبيوتر، أو مواد منفذة بالحجم العادي جاهزة للاستعمال، كقطعة اثاث أو قطعة حلي. بعض المشاركين بالغ في فنتازيته، فصمم ثوباً للعيش فيه كفراش أيضاً، وهي فكرة تصلح للمشردين ممن ليس لديهم مأوى! من الافكار الأخرى: سجادة، مرآة، جهاز هاتف، حوض مطبخ، فرشاة أسنان، شيفرة حلاقة، ابريق شاي وثيرموس شاي... لا تستغربوا، فهناك ضمانة تقول إنها تحتمل الحرارة! منحت لجنة التحكيم جوائزها لاصحاب الافكار الذكية الحكيمة، التي ادركت امكانات تطبيقها واقعياً في المستقبل كتصميم كنبة ناعمة، مضغوطة بالهواء ومريحة! بعض المعارضين للفكرة يقولون إن المطاط يحتاج لعناية فائقة، فألوانه تبهت بفعل ضوء الشمس المتسلل للداخل إلى أن تتلاشى تماماً مع الزمن. أما الملابس، فإن عمرها الافتراضي بحدود ثلاث سنوات، وبحاجة للرش بمادة السليكون كي تستمر حيّة. ومع ذلك، فإن عدد المصممين المعتمدين على مادة المطاط كثر، ممن يغامرون باحتمالات هذه الخامة، ويقدمون تصميمات معقدة، ومنتجات ذات امكانات عملية من ذلك السائل الغريب الذي اكتشف يوماً يسيل من باطن الشجر في أميركا الجنوبية. يقول المصمم كريج موريسون إن المطاط مادة ذات طاقة ليس لها حدود في صنع المنحوتات الفنية، ومع ذلك فهو قدمها من خلال أفكار عملية كالحقائب والجاكيتات ومخدات "كوشين" وتصاميم أخرى خاصة بالاثاث من مقاعد وطاولات من اللون الأوسد. هل يبدو الأمر غريباً؟ أثاث من المطاط ولونه أسود؟ يقول موريسون إن تجربته هذه هي نوع من الاحتفاء بخشب الماهوغني الأسود، ثم ان الأسود لون عملي، فهو أكثر ثباتاً واستمرارية من الألوان الأخرى، إضافة لكل ذلك، تتميز تجربة هذا الفنان باضافته بعض المواد الكيماوية للمطاط لإطالة عمره كمنتج. شدّت مرونة المطاط وقابليتها للتشكل مصممة هولندية شهيرة تدعى جوزفين جروندايد، وهي عضو المجمع الدولي لمصممي الديكور. وتعتبر جروندايد مختصة في خامة المطاط، وتعرض حالياً تصاميمها من الأبواب والرفوف وأثاث الصالون في "ميشين غاليري" في لندن. أما أكثر تصاميمها إبداعاً فهو مصباح يعمل بطاقة كهربائية منخفضة، وقد تعاونت مع أحد المختصين في هذه الصناعة لانتاج مادة مقاومة للحرارة من المطاط نفسه. وتعتبر جروندايد نفسها من الرواد الذين جددوا باستخدامات المطاط في التصاميم المختلفة، بعد أن تخطت العقبات التي كانت تتمثل بهيمنة الخامات الأخرى، وهي حسب ما تعتقد، لم يطرأ عليها أي تطور منط انتاج البلاستيك في الستينات، "المطاط يقدم امكانات لا حدود لها"، تقول جروندايد، "وهذا هو الوقت المناسب لاستغلاله".