"الستينات" عنوان الكتاب الجديد الصادر في بريطانيا، والذي يقدر له ان يجدد اطلاق النقاش حول ذاك العقد الصاخب الذي غدا أبناؤه قادة اليوم دولةً ومجتمعاً. مؤلف الكتاب أرثر مارويك لا يخفي اغتباطه بالستينات، حيث "لم نعرف شيئاً مثلها، ولن نعرف تكراراً لها". فذاك العقد كان "زمناً عظيماً لكي تكون فيه شاباً، انني واعٍ لعيشي ابان ثورة ثقافية". على اية حال فالستينات ليست استغراقاً في ذكريات شخصية. وقد اراد صاحب الكتاب أن يُظهر أن من السهل وضع تاريخ للحقبة بالمعنى الذي توضع فيه التواريخ لعصر النهضة والعصور الكبرى. فهو يرى في الستينات، او بالأحرى 1959 - 1974، زمناً تعرضت فيه الثقافة والاجتماع لتحولات تركت آثارها على باقي القرن. والمعروف ان كثيرين، في طليعتهم مارغريت ثاتشر، رأوها تحولات الى الأسوأ، كما أن أصواتاً أهدأ من ثاتشر، كالبروفيسور الأميركي ألن بلوم الذي أرّخ الحقبة نفسها، اعتبر أن "الجامعات الأميركية في الستينات كانت تعاني نفس التعطيل والتفكيك لبنية البحث العقلاني الذي عرفته الجامعات الألمانية في الثلاثينات على أيدي النازيين". مارويك، في المقابل، لا يكتم نقديته لتكتيكات القادة الطلابيين وللقادة أنفسهم ممن راحوا يتناسلون في الولاياتالمتحدة وفرنسا وايطاليا، وبدرجة أقل في بريطانيا وألمانيا. كذلك فهو يدين نظرية "الطلاب الثوار" ممن شاؤوا احلال ثقافة مضادة ما محل الثقافة البورجوازية. لكنه يبرر الكثير من قضايا الستينيين كفييتنام والحقوق المدنية وتحدي التكوين السلطوي للجامعات، من دون ان يوافق القائلين قولهم ان الحركة الطلابية أضرّت بالتعليم والجامعة على المدى البعيد.