منذ ستة أعوام شوهد متسابق الدراجات النارية الأسترالي مايكل دوهان يقف على عكازين بعد حادث "عاصف" تعرض له، فظن كثيرون أنه وضع حداً لمسيرته. وقد يكون بعض منافسيه عبّروا عن سعادتهم سراً لأن حملاً ثقيلاً وحاجزاً كبيراً أزيحا من أمام طموحاتهم... غير أن مايكل دوهان انطلق في الموسم التالي في رحلة العودة لاستعادة موقعه، وقبض بعدها على اللقب العالمي للدراجات النارية فئة 500 سم مكعب، وسجل منذ أيام قليلة احتكاره له للعام الخامس على التوالي. لم يغيّر دوهان 33 عاماً "حصانه" هوندا منذ أن ارتقى تدريجياً نحو القمة من المركز التاسع في نهاية موسم 1989 الى المركز الثالث 1990، والمركز الثاني العامين 1991 و1992، الى أن بلغ مرحلة التتويج. إثنان في واحد دوهان ممزوج وقطع الدراجة النارية، يشكل وإياها وحدة حال... لكن قصة نجاحه وسيرة حياته سيتأجل وضعهما ضمن كتاب، ولن ينتج فيلم عنه على غرار غيره من الأبطال الأسطورة، الى ما بعد اعتزاله. وهي مرحلة معلقة حالياً حتى إشعار آخر. وكان دوهان ظلاً لمتسابقي الطليعة، وبات الحصان الأسود في الموسم 1992 الذي شهد الصراع بين أيدي لاوسن بطل العالم 84 و86 و88 و1989 وواين ريني بطل العالم 90 و1991 وكيفن شفانتز الطامح الى حصد اللقب الكبير. فاجأ دوهان الجميع عامذاك، بعدما حصد الفوز في خمسة سباقات من أصل سبعة، وتساءل أبطال المقدمة "كيف ولماذا"؟ ثم اقتنعوا تدريجياً بأن الشاب القادم سيسحب البساط من تحت أقدامهم. غير أن تعثره المفاجئ في تجارب الجائزة الكبرى لهولندا على حلبة آسن، قلب كل الموازين... سقط دوهان عن الدراجة التي كانت منطلقة بسرعة 150 كلم في الساعة وتحدثت الأخبار الأولى عن عملية بتر لا بد منها لساقه المهشمة، لكن الطبيب كوستا المناوب على الحلبة، أنقذ الموقف... لم يبتعد دوهان طويلاً عن الحلبات، عاد على عكازين وأصرّ على إكمال الموسم عساه يعوض غيابه القسري... وفي النتيجة النهائية تخلّف عن واين ريني الذي استعاد اللقب مجدداً بفارق أربع نقاط فقط. طعم الإنتصار أقوى من الآلام وبعد هذه النتيجة المشجعة، غمرت السعادة دوهان وأعرب عن شكره للدكتور كوستا، "أدين له بكل فوز بعد الحادث الذي تعرّضت له. لن أستطيع أن أصف الآلام التي كانت تنتابني. لكني كنت مصرّاً على إكمال الموسم، ولم أفضل إنصاف الحلول". بعد سقوطه في آسن، تشوهت ساق دوهان وخسرت الكثير من طواعية الحركة. لذا صمم ميكانيكيو هوندا دراجة خاصة تتوافق ووضعه الجديد. فبات يتحكم بجهاز الفرملة للعجلة الخلفية بأصبعه من المقود. وثابر دوهان على الانتصارات في موسم 1993، لكن اللقب أفلت منه مجدداً وحمله شوانتز، ودخل الموسم التالي وفي داخله جوع وعطش الى اللقب العالمي. لم يبتعد دوهان عن منصة التتويج في أي من السباقات، وعرض عليه فريق ياماها نحو ستة ملايين دولار لينتقل الى صفوفه. وجاء رده: "أنا عضو في أفضل فريق يضم أفضل ميكانيكيين لأفضل دراجة نارية في أفضل مصنع، لماذا التغيير إذاً؟". وصبرت هوندا عليه، وآزرته في محنته، ومنذ ان استعاد قواه كان مثال الوفي المخلص لهذا الفريق. حقق معه لقبه الأول العام 1994 وكرّت السبحة. صراع دوهان - بياجي واختلفت بعض مقاييس المنافسة خلال موسم 1998. وعلى غرار تحول دوهان الى ساحة فئة ال500 سم مكعب منذ اواخر الثمانينات، قدم الإيطالي ماكسيملو بياجي بطل العالم لفئة ال250 سم مكعب، فبات تفوق دوهان مهدداً من هذا الإيطالي الذي لا يخشى أحداً. يعترف دوهان أنه ظنّ طويلاً أن لقب الموسم الحالي سيكون من نصيب بياجي، وبدأ التحول حين خرج بياجي من سباق كاتالونيا في برشلونة، بعد سلسلة انتصارات افتتحها بإحرازه السباق الأول في اليابان. ويكشف دوهان أن الموسم المقبل 1999 مثير وصعب في آن واحد. "عليّ التنطّح للقب العالمي السادس. قد يكون موسمي الأخير. وقد تختلف الأمور في ضوء استعداداتي وحماستي. وفي حال فوزي مجدداً أتطلع الى مهاجمة الرقم القياسي لعدد الألقاب العالمية 8 ألقاب الذي يحمله الإيطالي جياكومو أغوستيني". 53 انتصاراً ولد مايكل دوهان 33 عاماً في بريزبن أستراليا. بدأ خوض سباقات الدراجات النارية العام 1984، وقاد دراجة من فئة 500 سم مكعب العام 1989، وتحديداً في الجائزة الكبرى لليابان، وأحرز فوزه الأول في جائزة هنغاريا 1990. بلغ عدد انتصاراته حتى نهاية الموسم الحالي 53 انتصاراً، في مقابل 68 انتصاراً لأغوستيني حامل ستة ألقاب عالمية ما بين 1969 و1975.