لا يزال بعض الهنود الحمر في الولاياتالمتحدة يرقصون حول طوطم يُفترض أنه يرمز اليه، "احتفالاً بروحه". السكان المحليون، او الابوريجين، في استراليا، والمأوريون في أرياف نيوزيلندا، يعتبرونه "نبياً لمقاومة الاضطهاد". وخلال الحرب الأهلية في نيكاراغوا كان الطرفان المتحاربان يقاتلان على ايقاع موسيقاه وأغانيه. أما في الهند فرآه بعض الهندوس واحدا من آلهتهم، بحيث غدا بوب مارلي، ما بين ايطاليا واندونيسيا، بطلاً ورمزاً لا يدانيه الرموز والأبطال. الأديب الأميركي نورمان مايلر كان قد كتب مرةً أن بطل الملاكمة محمد علي أشهر رجل على الكوكب. وهذا صحيحٌ، الا أن النسيان يلفّ الملاكمين بعد مغادرتهم الحلبة. لكن المغنين والموسيقيين يختلف أمرهم: فبوب مارلي الجامايكي أصبح بعد انقضاء 17 عاماً على رحيله، أكثر شهرة من أي وقت سابق. موسيقاه المميزة التي اندمجت فيها الأنماط اللحنية الشعبية الجامايكية والأميركية، عكست معتقداته الراستافارية التي تقدّس امبراطور اثيوبيا الراحل هيلا سيلاسي، الا أنها أيضاً تبشّر بالسلم والحب والمساواة وآمال الانعتاق لدى السود. وبالجمع بين ايقاعات قديمة وبدائية وأخرى حديثة، تحول مارلي الى موضوع تباهٍ لشبيبة "العالم الثالث"، لا سيما الأفارقة والسود منهم، كما تباهت به الشبيبة الأوروبية التي اعتبرت موسيقاه من العلامات البارزة على تجاربها في التعدد الثقافي. بيد أن شهرة مارلي ستتنامى من الآن فصاعداً. لماذا؟ لاكتشاف أغاني مرحلته الأولى 1967-72 التي كانت مفقودة حتى أسابيع خلت، والتي هي مرحلة الفقر المدقع والعيش في الصفيح، قبل ان تتعاقد معه شركة "آيلند رِكوردس" ويتحقق له الاعتراف العالمي. الاغاني التي ستصدر في ثلاث مجموعات سي. دي. تضم اكثر من 200 اغنية. والحال ان الخبراء بموسيقى الريغاي يعتبرون الفترة المذكورة أفضل فتراته. ولهذا فاكتشافها، كما كتب ناقد في "الغارديان"، يشبه العثور مصادفةً على جميع أعمال بيكاسو التي كانت أُهملت للظن انها لا أكثر من تمرينات على "غرنيكا".