في 1968 نشأت "تايم أوت" كدليل ثقافي واستهلاكي ذكي للحياة في لندن. كانت مجلة فقيرة وذاتية الصنع لا تتعدى الورقتين، تولى اصدارَها عدد من الشبان والشابات من ذوي الهوى الأوروبي والكوزموبوليتي الذين انتبهوا مبكراً، بعد صلة ما باليسار، الى الاستهلاك ومنحاه المتعاظم. قبل أيام احتفلت المجلة بمرور عقود ثلاثة، وقد غدت تضم 220 صفحة، بعدما أضحت امبراطورية نشر تُقدّر قيمتها بعدة ملايين من الجنيهات: وفعلا صارت "تايم أوت" التي توزّع 98 الف عدد، مصدر دفق معلوماتي هائل حول الاستهلاك وقضاء وقت الفراغ، ناهيك عن كتب "الدليل" السنوية حول التسوق والمأكل والمشرب، وأكثر من 20 دليلاً سنوياً آخر تصدره حول سائر مدن العالم. وقصة "تايم أوت" توجز قصة لندن وقطاع من شبيبتها الذي بدأ، مع أواخر الستينات، يهجر العمل السياسي المباشر الى نمط من النشاط المديني المتجه الى التجارة. وهذا كله ما كان ممكناً لولا تحول المدينة نفسها من قرية كبيرة ومنعزلة نسبياً الى حاضرة كوزموبوليتية. "فنحن كنا ننشر دعايات مجانية لفرق الجاز والمسارح الهامشية، ما ساعدها على الامتداد، لكن تنامي هذه الظواهر في السنوات الأخيرة ساعدنا، نحن أيضاً، على التوسع"، كما قال احد محرري المجلة التي باتت، بحق، أقرب الى فهرست للتحولات الثقافية والحياتية في عاصمة بريطانيا.