تنشغل الأوساط الصحية في المغرب هذه الأيام بتزايد اعداد المصابين بفيروس التهاب الكبد، في ضوء ظهور احصاءات تفيد باصابة نسبة مهمة من المغاربة بهذا الداء القاتل. واعتبرت المصادر ان الاصابة بالالتهابات الكبدية الفيروسية تشكل احد انشغالات الساعة بالنسبة الى المغرب، ما يتطلب تدخلاً صارماً لوضع حد لتزايد الاصابات بالفيروس. واستناداً لاحصاءات وزارة الصحة المغربية، فان عدد المغاربة الحاملين لفيروس الالتهاب الكبدي المزمن من صنف "باء" يتراوح ما بين 3 و5 في المائة، ما يعني قرابة المليون اصابة. وتتوزع الاصابات هذه الى اصناف عدة تشكل "الف" و"باء" و"سي" الاكثر انتشاراً في البلاد، وهو وضع لا يريح الاوساط الصحية المغربية. وما يزيد الامور تعقيداً سرعة انتقال هذا الفيروس من شخص لآخر، سواء عن طريق حقن الدم او من الأم الى جنينها او عبر الاتصال الجنسي. وتتمثل خطورة الفيروس في المضاعفات التي قد يحملها كالاصابة بالتشمع الكبدي او سرطان الكبد، وهي اصابات لا تمهل صاحبها كثيراً. كذلك يمكن ان تتسبب الاصابة بالوفاة خلال وقت قصير من دون مضاعفات طويلة المدى. ويواجه المغرب مشكلة حقيقية في محاربة انتشار هذا الفيروس خصوصاً ان الاحصاءات اظهرت ان نسبة قليلة جدا من المغاربة تتعاطى اللقاح ضد هذا المرض. والاسباب متعددة من ابرزها الكلفة المرتفعة لهذا اللقاح، اضافة الى جهل قطاع واسع من المجتمع المغربي بخطورة الفيروس ومضاعفاته، ما يتطلب من المسؤولين عن الصحة في البلاد حملة شاملة لنشر الوعي، ونشر مزيد من المعلومات عن الفيروس الكبدي خصوصاً في اوساط الامهات نظراً الى الاصابات الكبيرة التي تلحق بالاطفال الذين لم يتلقوا اللقاح مبكراً. وبدأت السلطات المغربية منذ آذار مارس 1995 خطة ترمي الى مقاومة الفيروس والحد من انتشاره، وأقرت ضرورة الابلاغ بالاصابة بداء الالتهابات الكبدية الفيروسية. لكن هذا الاجراء اصطدم بعقبة اخرى تتمثل في سبل توفير الرعاية الصحية لهؤلاء المصابين، اذ لا يتعدى سقف التكفل بحاملي فيروس الالتهاب الكبدي حسب مصادر وزارة الصحة المغربية اربعة آلاف حالة، اذ ان كلفة اصابة واحدة تبلغ حوالى 80 الف درهم. ولا يجد مسؤولو الصحة في المغرب سبيلاً مادياً لمواجهة هذا الفيروس، ويلجأون في المقابل الى التأكيد على ضرورة الوقاية. لكن الحل الانجح لمقاومة الفيروس الكبدي يظل، في نظر المراقبين، هو تأمين الرعاية الصحية لشريحة كبيرة من المغاربة وتعميم اللقاح ضد الفيروس من صنف "باء"، خصوصاً انه يهاجم الاطفال حديثي الولادة. وتقول الاحصاءات ان من بين كل 600 الف مولود جديد، سيصبح ما بين 18 و30 الفاً حاملين لهذا الفيروس في مرحلة ما من حياتهم. وتذكر ان ما بين 4500 و7500 من ضمن هؤلاء بالامكان ان يصبحوا مصابين بداء التشمع الكبدي او سرطان الكبد القاتلين.