انقرة، دمشق،القاهرة، الدوحة - "الحياة"، رويترز - واصلت تركيا امس الاعراب عن الامل في التوصل الى تسوية سلمية لخلاف مع سورية في شأن المتمردين الاكراد الاتراك لكن الجيش واصل ضغوطه على دمشق. وقال عصمت سيزغين وزير الدفاع التركي في وقت متأخر ليل اول من امس ان زيارات وزيري خارجية ايران ومصر افادتا بأن "معسكرات الارهابيين" على الاراضي السورية أغلقت وان زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان غادر سورية وهما مطلبان رئيسيان لتركيا. وقال سرمد اطقانلي الناطق باسم الخارجية التركية: "يجب التأكد من هذه الخطوات. وكي تتحسن العلاقات مع سورية يجب ان تفي سورية بجميع مطالب تركيا". واضاف ان تركيا لم تحدد موعداً نهائياً لوفاء سورية بالمطالب. وبدا ان الصحف التركية التي قرعت الاسبوع الماضي طبول الحرب عادت امس الى الحديث عن اهتمامات محلية بتخصيص معظم صفحاتها الاولى لتقارير عن فضيحة فساد. لكن رئيس الاركان التركي الجنرال حسين كيروك اوغلو أوضح ان انقرة ما زالت تنظر في استخدام القوة. وقال كيروك اوغلو "اذا لم تحل الديبلوماسية المشكلة فلن يتسني تجنب اتخاذ التدابير الضرورية". وكان كيروك اوغلو هو الذي أثار النزاع قبل اسبوعين عندما اتهم سورية بشن "حرب غير معلنة" في جنوب شرقي تركيا. واشار المعلقون والدبلوماسيون الى ان الحكومة التركية شنت حملتها قبل اسبوعين بتحريض من الجيش لشد انتباه العالم الى ما تري انه دعم قوي اجنبية لاستمرار النزاع. وقال مسؤولو امن اتراك امس ان القوات قتلت عشرات المتمردين وفقدت 16 جندياً في واحدة من اكبر الخسائر التي اعترفت بها القوات في الاشهر الاخيرة. واضافوا ان 42 متمرداً وجنديين و14 حارساً من حراس القرى الاكراد الموالىين للحكومة قتلوا في اشتباك دار قرب الحدود مع ايران اول من امس. وقتل 29 الف شخص في الحملة التي يشنها حزب العمال الكردستاني منذ 1984 من اجل الحصول على حكم ذاتي في جنوب شرقي تركيا. وبات هذا القتال يمثل عبئا ثقيلا على موازنة تركيا واثار انتقادات جماعات حقوق الانسان في الخارج. وفي القاهرة نقل السفير التركي رسالة الى وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى تضمنت رد تركيا على النقاط السورية التي كان حملها موسى الى انقرةودمشق. ورفض السفير التعليق على انباء اللقاء المرتقب بين مسؤولين اتراك وسوريين، مكتفياً بالقول "ان الاجتماع سيعقد على مستوى كبار المسؤولين". كما امتنع عن تحديد موعده او مكان انعقاده. واعلن السفير التركي ان بلاده اتخذت "خطوات" بعد الوساطة المصرية بين انقرةودمشق من دون ان تحددها. وقال ان انقرة "تشعر بارتياح لنتائج الجهود المصرية". واضاف: "أطلعت موسى على الخطوات التي اتخذتها انقرة في ضوء النتائج التي حققتها الدبلوماسية المصرية"، لكنه لم يعط مزيداً من الايضاحات. وشدد على ان وضع حد للتهديدات العسكرية التركية ضد دمشق "يعتمد على الجدية التي يبديها الجانب السوري" في تسوية قضية اوجلان. ومكرراً ضرورة تسليم سورية الاخير الى انقره تطبيقاً لمعاهدة تسليم المجرمين الموقعة بين البلدين. في دمشق، استجاب آلاف الفلسطينيين دعوة وجهها "تحالف القوى الفلسطينية" وتظاهروا امس في مخيم اليرموك جنوبدمشق، دعماً للموقف السوري ضد "التهديدات والاستفزازات التركية". وتقدم المتظاهرين قادة وممثلو المنظمات الفلسطينية العشر بتياراتها الاسلامية واليسارية والقومية وهتفوا بشعارات "معادية للتحالف العسكري والامني التركي - الاسرائيلي". وكان قادة "تحالف القوى" عقدوا اجتماعاً مع رئيس "جبهة الانقاذ الوطني الفلسطينية" السيد خالد الفاهوم لحشد التأييد لسورية ضد تركيا. واكد الامين العام ل "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" أحمد جبريل في كلمة ان مشكلة حزب العمال الكردستاني ليست سوى ذريعة تستخدمها تركيا. ونقلت عنه وكالة "فرانس برس" قوله: "يجب ان تعرف الامة العربية والاسلامية ان هذه المعركة ليست بين تركيا وسورية بل بين العرب والعدو الصهيوني". واضاف جبريل "لم يكن الجنرالات الاتراك ليتجرأوا على قرع طبول الحرب من دون التحالف مع الصهاينة ومن دون الرعاية الاميركية"، في اشارة الى اتفاق التعاون العسكري بين تركيا واسرائيل الموقع في شباط فبراير عام 1996. من جهة اخرى، اكد جبريل الذي تعارض منظمته اتفاقات الحكم الذاتي بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات ان "المعركة يجب ان تحسم باتجاه الصهاينة اولا وليس بالطريقة العرفاتية التي تقبل بالشروط الصهيونية لبيع فلسطين". وشارك في التظاهرة ايضا زعماء تنظيم "الجهاد الاسلامي" رمضان عبدالله شلح و"فتح -الانتفاضة" العقيد سعيد موسى ابو موسى وممثلين عن الجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية لتحرير فلسطين" و"حركة المقاومة الاسلامية" حماس. في الدوحة اعرب مجلس الوزراء القطري عن "ارتياحه لانفراج الازمة بين سورية وتركيا. معرباً عن الامل "بأن يؤدي هذا الانفراج الى تسوية دائمة تجنب البلدين الجارين والمنطقة الكثير من التوتر". كما رحب المجلس "بقرار هيئة التحكيم الدولية حول الجزر المتنازع عليها بين الجمهورية اليمنية ودولة اريتريا"، ورأى ان القرار "يعكس النهج الحضاري لتسوية المنازعات بين الدول بالطرق السلمية".