جائزة نوبل استطاعت أمس أن تتجاوز للمرة الثالثة في تاريخها الاتهامات بانحيازها للغرب، اذ منحت لعالم الصيدلة الألباني الأميركي فريد مراد الذي اعلن أمس معهد "كارولاين" السويدي عن منحه وعالمين أميركيين جائزة نوبل للطب. ومراد هو ثاني عالم مسلم ينال هذه الجائزة التي تزيد قيمتها المعنوية عن مبلغها ربع المليون دولار. ففي عام 1979 نال العالم الباكستاني محمد عبدالسلام جائزة نوبل في الفيزياء. والمسلم الثالث هو الروائي المصري نجيب محفوظ الذي منح نوبل في الأدب عام 1988. تقاسم مراد الجائزة ومقدارها نحو مليون دولار مع زميليه روبرت فورغوت 82 ولويس إغنارو 57 وذلك مكافأة على اكتشافهم خصائص مادة كيماوية تدعى "احادي اوكسيد الآزوت". تستخدم هذه المادة في أدوية عدة لعلاج أمراض القلب وتنشيط الدماغ والقضاء على الجراثيم. ووضع اكتشاف العلماء الثلاثة الاسس التي قادت الى انتاج أقراص "فياغرا" المستخدمة في علاج العجز الجنسي. فالمادة الكيماوية التي اكتشفوا خصائصها تلعب في الجسم دور المراسل الذي يحفز أوعية الدم على التقلص والانبساط. والمفارقة أن مؤسس الجائزة ألفرد نوبل كان نُصح بتناول مستخرج من المادة نفسها لعلاج مشاكل يعانيها في القلب. لكن مرّ 100 عام قبل أن تكتشف خصائصها الفريدة. وذكر مراد، الذي قام بأبحاثه التي أدت الى الاكتشاف في شكل مستقل عن زميليه، أن العلماء لم يعتقدوا في البداية بأن هذه المادة تقوم بكل هذه الأشياء، وأنها بمثل هذه الأهمية. وقال أنه شخصياً لم يكن يتوقع الجائزة، وكان يخطط يوم أمس الذي يصادف عطلة في الولاياتالمتحدة للعب الغولف أو الذهاب الى طبيب الأسنان. وسئل عما سيفعله بحصته من الجائزة فقال أن الوقت لم يتوفر له للتفكير في ذلك وكل ما يحاول عمله الآن هو تناول فطوره الذي قطعته المكالمات الهاتفية المتواصلة. ولد مراد في 14 أيلول سبتمبر عام 1936 في واينت ولاية أنديانا ونال شهادة الطب والصيدلة في جامعة كليفلاند ولاية اوهايو ويرأس حالياً قسم "الأحياء الدقيقة" في كلية الطب في جامعة تكساس في هيوستن. وقد يعزز منح مراد الالباني الأصل في وقت يلعب فيه الألبان دوراً ملحوظاً في البلقان الشكوك بأن الطريق الى نوبل ليس مفروشاً بثمار العلوم فحسب، بل بأشواك السياسة أيضاً. تثار هذه الشكوك ليس في مواضيع الأدب والسياسة فحسب، بل حتى في العلوم الدقيقة. فعلى امتداد أكثر من سبع سنوات تنتظر الأوساط العلمية الدولية منح نوبل لعالم الكيمياء المصري الأصل الدكتور أحمد الزويل الذي قاس لأول مرة في تاريخ العلم سرعة التفاعل الكيماوي. وقد يقال بشأن الالتفاتة الجديدة أنها استثناء يؤكد القاعدة، لكنها تعكس في كل حال ما كان يفكر به أول عالم عربي الأصل نال الجائرة. العالم هو بيتر مدور اللبناني الأصل الذي نال نوبل في الطب عام 1960 عن اكتشافات في جهاز مناعة الجسم مهدت الطريق لقيام عصر زراعة الأعضاء. ويصلح في هذه المناسبة استعادة قوله "أن نهزأ بأمل التقدم هو الحماقة القصوى والكلمة الحاسمة حول فقر الروح وخسّة الفكر". التقدم ممكن حتى في جائزة نوبل