أظهرت دراسة جديدة العلاقة المباشرة بين ارتفاع ضغط الدم الشرياني وبين تخربش الاعصاب القحفية التاسع والعاشر في بطين الدماغ الجانبي، والتي امكن عن طريق تحرير هذا الانضغاط جراحيا احداث انخفاض مهم في قيم الضغط المرتفعة. وتؤثر هذه المنطقة في التوتر الشرياني محدثة ارتفاعاً في الضغط عن طريق زيادة التنبيه الودي الذي يؤدي الى تسرع القلب وتضيق في الاوعية المحيطية. أجريت هذه الجراحة، التي نشر تقرير مفصل عنها في مجلة Lancet الطبية، على ثمانية مرضى كان بعضهم عولج بثلاثة ادوية لخفض الضغط من دون اية فائدة تذكر. في حين اظهر بعضهم الآخر عدم تحمل آثار الدواء الجانبية. واجريت لجميع المرضى عملية من اجل تحرير انضغاط هذه الاوعية المجهرية، وذلك عند مدخل الجذور العصبية للاعصاب القحفية، العاشر والتاسع، ثم اجرى تصوير الاوعية الظليل بالرنين المغناطيسي من اجل تقويم نتائج العملية. كانت النتائج السريرية مخيبة للآمال خلال ال 48 ساعة الاولى بعد الجراحة، اذ تعرض المرضى جميعهم الى تطور ضغط دموي غير مستقر وغير ثابت، تطلب مراقبة شديدة. الا انه بعد ذلك، حدث انخفاض في معدل الضغط بمقدار 10 - 30 في المئة مقارنة مع القيم السابقة للضغط قبل الجراحة. والنتائج الفعلية لهذه الجراحة جاءت بعد حوالى شهور سبعة، فقد اصبح السواد الاعظم من هؤلاء المرضى ذا ضغط طبيعي تطلب الامر تخفيض جرعات الادوية، الى ان تم التخلي عنها نهائياً. ولم تحمل هذه العملية اي تأثيرات جانبية مثل حوادث دماغية او نزف في الدماغ، او شلل في عضلات الوجه، او نقصان في السمع، في ما عدا حدوث شلل عابر في الحبال الصوتية عند مريض واحد، نجم عن رض العصب الحنجري المتفرع من العصب المبهم او العاشر. يقسم الاطباء ارتفاع الضغط الى نوعين اساسيين: الاول لا سبب ظاهراً له، وتبلغ نسبته 95 في المئة، ويلعب تناول الكحول والسمنة دوراً مهماً في حدوثه. فيما الثاني نسبته 5 في المئة، ويحدث من اسباب كلوية او غدية او متنوعة. تتراوح اعراضه بين الصداع وحدوث الاختلاطات، التي تكون خطيرة في اغلب الاحيان، مثل حدوث الصدمة الدماغية وقصور القلب والاحتشاء القلبي. وعلى رغم ان هذه الطريقة اضافت خطاً جديداً لمعالجة ارتفاعات الضغط، الا انها غير صالحة حالياً للتطبيق العملي نتيجة لعدم وضوح نتائجها الناجم عن التطبيق الواسع لها، ومرور الوقت على هذا التطبيق من جهة، ولأن آلية حدوث ارتفاع الضغط معقدة في اغلب الاحيان، من جهة اخرى. لكنها اوجدت طريقة بديلة لعلاج هؤلاء المرضى ذوي ارتفاع الضغط العاصي على العلاج. اكتشاف نموذج وراثي يؤثر في ارتفاع الضغط صار التنبؤ باستجابة مرضى ارتفاع الضغط للعلاج باستعمال وسائل غير دوائية ممكنا عن طريق الدراسة الوراثية، وتحري نموذج الموروث المسؤول عن صنع هرمون ال Angiotensinogen الذي يلعب دوراً مهماً في ارتفاع الضغط عن طريق تحريض سلسلة من التحولات الهرمونية التي تنتهي بتقبض الاوعية الدموية المحيطية من جهة، وبافراز هرمون الالدسترون الحافظ للملح من جهة ثانية. واكثر ادوية ارتفاع الضغط شيوعاً حالياً هي المثبطة لهذا الهرمون. فالاشخاص الذين يحملون النموذج AA من هذا المورث، الذي له ثلاثة اشكال AA - GG - AG، هم الاكثر استجابة لعلاج ارتفاع الضغط عن طريق تخفيض الوزن والحمية الملحية. وجاءت هذه الدراسة، التي نشر تقرير مفصل عنها في المجلة الاميركية لامراض القلب، بعد تحليل مادة ال DNA في هذا الموروث، عند حوالى 1509 اشخاص معظمهم من القوقازيين وفوق معدل الوزن الطبيعي بقليل، ولديهم ارتفاع في ضغط دمهم الانبساطي، وهذه القراءة الثانية عند اجراء فحص الضغط الدموي. قسم جميع المشاركين 20 في المئة منهم يحملون النموذج AA و32 في المئة النموذج GG والباقي النموذج AG، الى اربع مجموعات، طبق عليها اما علاج بحمية فقيرة الملح، او برنامج خاص بهدف انقاص الوزن، او العلاجان معاً، ولم تتلق المجموعة الرابعة اي علاج. كانت النتائج، بعد ثلاث سنوات، ان ارتفاع الضغط في المجموعة التي لم تعالج كان اكبر عند الاشخاص من نموذج AA، منها عند الاشخاص من نموذج GG. مع العلم ان استجابتهم للعلاج كانت افضل. من جهة اخرى حدث انخفاض في ضغط الدم الانبساطي عند الاشخاص AA، اكبر منه عند النموذج GG وذلك في المجموعة التي منع الملح عنها. وكانت النتائج ذاتها في مجموعة العلاج بانقاص الوزن. ولم توجد اية علاقة تذكر بين نموذج هذا المورث وانخفاض الضغط الانقباضي، وهو القراءة الاولى على جهاز الضغط. ومع ان هذه الدراسة ما زالت بعيدة عن مجال التطبيق العملي، الى ان تتم دراسة نماذج هذا المورث بشكل اوسع، الا ان لتأكيدها اكتشاف الاشخاص ذوي الحساسية على الحمية الملحية اهمية خاصة. ذلك ان التوصيات، كانت وما زالت، في خط العلاج الاول لارتفاع الضغط، هي انقاص الوزن وحمية قليلة الملح.