السؤال المرتسم كما لو انه مضاء بأنوار مداخل الصالات: هل يتغلّب مهرجان بيروت السينمائي على عثرات البداية التي عرفها العام الفائت؟ كان المهرجان آنذاك في أول تجربة له وليس غريباً ان تصيبه وعكات الانطلاق المعروفة من اضطراب في التنظيم والترتيب والبرمجة والتأهيل. ينطلق المهرجان في الثاني من تشرين الاول اكتوبر الجاري وينهي أعماله خلال سبعة ايام بتوزيع الجوائز في مسرح الاونيسكو ليلة التاسع من الشهر نفسه. وسيتضمن البرنامج 17 فيلماً عالمياً و6 أفلام عربية بينها ثلاثة من لبنان اضافة الى 6 افلام ايرانية واعادة عرض لفيلمين عربيين تمّ تصويرهما على الاراضي اللبنانية قبل الحرب. كما يكرّم المهرجان الممثلة المصرية ليلى علوي، بحضورها. وتتنافس على الجوائز ستة افلام قصيرة واربعة وثائقية و23 فيلماً للجامعيين، ناهيك عن ستة سيناريوهات لجائزة مارون بغدادي وقيمتها عشرة آلاف دولار. تبدأ العروض احتفالاً بنجاح فيلم "يا ولاد" للمخرج اللبناني زياد دويري الذي يحضر ومعه المنتج والممثلون والمؤلف الموسيقي. وكان "يا ولاد" حاز على أكثر من جائزة في مهرجانات اخرى بينها "كان". أما فيلم الختام فسيكون بعنوان "عرق البلح" للمخرج المصري رضوان الكاشف وتجري معظم العروض على شاشة سينما أمبير، الاشرفية. تألفت لجنة التحكيم هذا العام من المخرج التونسي فريد بوغدير، والسينمائي الايطالي الاصل ماركو موللر، والممثل المصري نور الشريف، والروائية اللبنانية حنان الشيخ، والممثلة اللبنانية - العالمية ميراي معلوف، والممثلة والمنشطة الثقافية نضال اشقر، والمخرج المصري يسري نصرالله، والسينمائية اللبنانية العالمية شانتال فغالي في قمة فريق الانتاج لشركة بارامونت والمونتيرة الاميركية من أصل ليتواني ماريتي كافاليوسكاس، والمخرج اللبناني برهان علوية. ويبدو واضحاً من محتويات برنامج العروض ان المهرجان استطاع هذا العام ان يقيم توازناً موفقاً بين الافلام الوثائقية والدرامية وأفلام الشباب ناهيك عن الافلام الاجنبية والعربية. واللافت ان الافلام الوثائقية المنتجة في لبنان بدأت تأخذ طريقها الى العروض وهي تجذب اعداداً لا بأس بها من المشاهدين. وسوف يتسنّى لجمهور مهرجان بيروت السينمائي هذا العام مشاهدة أربعة أشرطة أخرجها وصورها سينمائيون محليون من الجيل الجديد. أولها "مجنونك" لأكرم زعتري الذي يصوّر الهامشيين الذين يروون حكاياتهم الجنسية بصراحة صاعقة. واذ يجمع المخرج تلك القصص تراه يسبر ايضاً عالم الذكورة بكل ما فيه من اشارات ورموز باتت مرتهنة لما ينعكس على شاشات التلفزيون نسبة الى اليافعين "الشجاع الغاوي" هو مثلهم الأعلى. والخيبات الكثيرة تنتظرهم في آخر الطريق. "الايقونات الحية" من اخراج ديمتري خضر يأخذنا في رحلة الى ايران لاكتشاف ظروف عيش الاقلية المسيحية فيها. وهو يمزج بين المعيش اليومي وانطباعات فريق التصوير. تبدأ الرحلة في طهران خلال الاحتفالات بالذكرى الثامنة لرحيل الخميني، وتتصدّى الكاميرا للمشاكل الحياتية، اقتصادية واجتماعية وسياسية، مما يعيشه الايرانيون عموماً. ثم تزور اصفهان حيث لا تزال الكاتدرائيات الارمنية قائمة منذ القرن السابع عشر، الا ان أهلها الكهول باتوا يشبهون الايقونات الحية. وفي مكان أبعد نحو الشمال صوّر الفريق اولى كنائس الشرق التي بناها ملوك المجوس لدى عودتهم من بيت لحم بعد حضورهم ولادة المسيح. ويتبيّن هنا ان الاشوريين من سكان هذه المنطقة هاجروا إما في الداخل نحو طهران أو الى الخارج خصوصاً الولاياتالمتحدة. واخيراً في كاراكليس على حدود أذربيجان، اكتشف فريق التصوير "الكنيسة السوداء" التي بناها الارمن في القرون الاولى للنصرانية. ويشاهد الجمهور ايضاً "نصيب" محمد سويد الذي عرضت له "الحياة" سابقاً، كما عرضت لشريط "المخطوفون" لبهيج حجيج