كشفت مصادر سياسية متطابقة في عمّان والقاهرة لپ"الحياة" أمس تفاصيل مقترحات أميركية لتحريك عملية السلام في اطار استراتيجية جديدة تبنتها واشنطن وطرحتها على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي اللذين لم يعلنا رفضهما أو قبولهما لها رسمياً حتى الآن. وقالت هذه المصادر ان وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي الذي اجرى محادثات مع الملك حسين مساء أول من أمس، أكد ان هناك خطة أميركية جديدة لدفع عملية السلام، مع وجود "بعض الثغرات" التي يمكن معالجتها من خلال لقاء فلسطيني - اسرائيلي - أميركي مقترح في احدى الدول الأوروبية. وتشمل المقترحات الأميركية اعادة الانتشار الاسرائيلي من 10 الى 14 في المئة من منطقة C الى B من الضفة الغربية ومن 10 في المئة من منطقة B الى A، أي ما مجموعه 20 الى 24 في المئة من الضفة الغربية في مقابل تخلي السلطة الوطنية الفلسطينية حالياً عن المطالبة بتنفيذ اسرائيل المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار في الضفة الغربية وربط المرحلة الأخيرة هذه من اعادة الانتشار بنتائج مفاوضات الوضع النهائي. يذكر ان اعادة الانتشار من المنطقة B الى المنطقة C تشمل تسليم السلطات الادارية من دون الأمنية، فيما تشمل اعادة الانتشار من المنطقة B الى المنطقة A تسليم السلطات الأمنية والادارية معاً. كما سلمت الادارة الأميركية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لائحة تضم 16 مادة لتطبيقها في اطار التعاون الأمني مع اسرائيل. وقالت هذه المصادر ان الرئيس الفلسطيني أكد خلال محادثاته في واشنطن انه لا يعارض تطبيق هذه البنود التي تم التوصل اليها مع اسرائيل بمشاركة ممثلين عن وكالة الاستخبارات الأميركية CIA، في مقابل تنفيذ اسرائيل الالتزامات المترتبة عليها. وتتضمن المقترحات - الصفقة حلاً وسطاً لمطالبة اسرائيل بتغيير النصوص المعادية لها في الميثاق الوطني الفلسطيني، وذلك باتخاذ قرار بالغاء هذه النصوص من جانب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بدل دعوة المجلس الوطني الفلسطيني الى الانعقاد مجدداً لهذا الغرض، وهو ما كانت تطالب به اسرائيل. وأبلغ الجانب الأميركي الرئيس الفلسطيني ان الرسالة التي بعث بها وتضمنت تفسيرات لما ينص عليه الميثاق "ليست كافية" لارضاء الجانب الاسرائيلي. اما في ما يتعلق بتعليق العمل ببناء المستوطنات، فقد طالبت السلطة الفلسطينية باصدار اعلان رسمي من الحكومة الاسرائيلية يقضي بالموافقة على تعليق العمل ببناء أية مستوطنات جديدة. وتقدمت الحكومة الأميركية في المقابل باقتراح مفاده انه في ضوء عدم قدرة اسرائيل على اتخاذ مواقف علنية في هذا الشأن، فإن الحكومة الأميركية "تتعهد تقديم ضمانات من جانبها في هذا الخصوص". واقترحت واشنطن ارسال المنسق الأميركي دنيس روس الى المنطقة مجدداً لازالة ما تبقى من عقبات تمهيداً لترتيب لقاء بين نتانياهو وعرفات في مدينة أوروبية اقترحت جنيف بحضور وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت لوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة الأميركية. وتؤكد مصادر ديبلوماسية غربية ان المزاعم عن الفضيحة الجنسية التي يتعرض لها كلينتون "ستدفع الرئيس الأميركي الى التحرك بقوة في ما يخص عملية السلام والمواجهة مع العراق بهدف توجيه الانتباه الى السياسة الخارجية". وأوضحت ان واشنطن ستتجاوز مجلس الأمن وستتحاور بدل ذلك مع حلفائها في المنطقة من اجل اتخاذ اجراءات عسكرية لاجبار العراق على الانصياع للقرارات الدولية ومواصلة عمليات التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل. وقالت مصادر ديبلوماسية في واشنطن ان الرئيس الفلسطيني اعتبر المقترحات الأميركية مقترحات اسرائيلية، رافضاً من حيث المبدأ الموافقة على التخلي عن المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار، وكان الجانب الأميركي أبلغ عرفات ان الحكومة الاسرائيلية لم توافق على هذه المقترحات، وأن واشنطن ستمارس ضغوطاً على نتانياهو لقبولها في حال موافقة الجانب الفلسطيني عليها أولاً. لكن الرئيس الفلسطيني أصر على ان اتفاق أوسلو يمنح السلطة الفلسطينية 91 في المئة من الضفة الغربية، فيما يبقى 9 في المئة المستوطنات والقدس بيد الاسرائيليين الى ان تبدأ المفاوضات الفعلية في شأنها ضمن المرحلة النهائية وبأنه لا يستطيع قبول أي شيء ينتقص مما تم التوقيع عليه. ورغم ذلك، لم يعلن عرفات رفضه الرسمي أو القطعي للخطة الأميركية. وحذر الجانب الأميركي عرفات من ان اصراره على المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار قد يعني عملياً ان نتانياهو قد يكتفي في المرحلة التالية باعادة الانتشار من 5 في المئة فقط من الضفة الغربية. الى ذلك، طلبت الادارة الأميركية من الرئيس الفلسطيني الامتناع عن التلويح باحتمال عودة الانتفاضة الى الأراضي الفلسطينية. وذكرت المصادر ان واشنطن أبلغت عرفات انه في ضوء سيطرته على المدن الفلسطينية الرئيسية "فإن حدوث انتفاضة هناك ضد اسرائيل قد يتحول بسهولة الى انتفاضة ضده".