توشك المفوضية الاوروبية ان تطرح خطة تتناول الترويج للتعاون الدولي على حل المشاكل القانونية والتقنية التي يسببها انتشار انترنت على نحو يمكن وصفه بأنه "تفجري"، وتعزيز هذا التعاون. وهذه المبادرة الاوروبية، التي تزعج بعض الشركات الناشطة في مجال الكومبيوتر والاتصالات وتقلقه، هي من أفكار المفوض الالماني مارتن بانغمان الذي كان أول من دعا الى سن قانون دولي خاص بالاتصالات الدولية كافة في خطاب ألقاه في ايلول سبتمبر الماضي في جنيف. ويقول بانغمان ان العالم يحتاج الى اطار جديد يساعد الحكومات والعاملين في قطاع الكومبيوتر والاتصالات على التنسيق بين ما يفعلونه حيال مسائل مثل المقاييس التقنية والحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالافراد وغير الافراد، والتراخيص والمواد غير القانونية والتشفير، وذلك بالنظر الى ان المعلومات تزداد شيوعاً وتداولاً عبر الحدود الدولية القومية. ومن المنتظر ان تدعم المفوضية الاوروبية، وهي الهيئة الاوروبية التنفيذية التي تتخذ من بروكسيل مقراً لها، الخطة وذلك من طريق تبني ورقة تشرح سياستها العامة في خلال الاسابيع القليلة المقبلة لكي ينظر فيها وزراء الاتصالات كافة في دول الاتحاد الاوروبي في اللقاء الذي سيعقدونه في السادس والعشرين من شباط فبراير المقبل على حد ما يقول المسؤولون. وتترقب الشركات التي تستفيد من نمو التجارة بالالكترونيات التطورات وهي مضطربة غير مطمئنة اذ تقول انها ترحب بالجهود المبذولة في سبيل الترويج لمزيد من التعاون الدولي لكنها تقلق من ان اقتراح المفوضية الاوروبية قد يؤدي الى تدخل حكومي لا ترحب به في مجال الاتصالات كافة. اعتبار وصرح ادريان هويتشيرش، المدير التنظيمي للشؤون الاوروبية في شركة "بريتيش تليكوم" لوكالة رويتر بقوله: "من البيِّن ان النظر الى مسألة الاتصالات كافة يجب ان يأخذ في الاعتبار التطورات العالمية، والامر نفسه ينطبق على انترنت. لكننا لا نعرف حتى الآن ما سيكون موضوع الاطار أو الميثاق الجديد المقترح. ومما لا شك فيه اننا لن نرتاح الى أية اقتراحات تهدف الى توسيع نطاق التنظيم العالمي أو الى اضافة عبء تنظيمي اضافي آخر". ويذكر ان "بريتيش تليكوم" تشارك في "مشروع انترنت الدولي" غيب الذي تشارك فيه اكثر من عشر شركات اوروبية واميركية ويابانية ناشطة في مجال البرامج والاتصالات كافة. وحضَّ عدد من المشاركين الاميركيين في "غيب" المفوضية الاوروبية على اقتراح عقد مؤتمر دولي تشارك فيه صناعة الكومبيوتر والبرامج والاتصالات كافة على نحو فعَّال وكبير، على حد ما تقول مصادر في هذه الصناعة. ومن هذه الشركات الاميركية "آي. بي. ام" و"الكترونيك داتاسيستمز كورب" و"نتسكيب كوميونيكشنز". واقترحت هذه الشركات اصدار ميثاق ينص صراحة على "ان التنظيم الحكومي التقليدي الذي يأتي من فوق يلعب دوراً محدوداً فقط في عالم المعلومات الدولي الذي لا يعترف بحدود قومية وغير الهرمي". ويقول مسؤول في المفوضية الاوروبية يساهم في كتابة مسودة المقترحات الاوروبية الرسمية ان المفوضية تتعاطف مع الفكرة القائلة بأن تكون "صناعة المعلومات" نفسها مسؤولة عن التنظيم وبأن يكون التنظيم خاضعاً لاحكام السوق. ويضيف: "نحن لا نحاول التنظيم أو الاملاء على أحد فكل ما ترغب فيه المفوضية الاوروبية هو ان تعثر على افضل وسيلة لمعالجة المسائل الناشئة عن الاقتصاد الالكتروني الجديد. ومما لا شك فيه هو اننا سنواجه بعض المشاكل وبعض المسائل، منها على سبيل المثال: ماذا سيعني، قانونياً، عقد الكتروني ابرم بين موقعين على انترنت". معالجة والمعلوم ان هيئات دولية متعددة تعالج مسائل مرتبطة بالاتصالات الدوية، بما في ذلك "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" و"منظمة التجارة الدولية" و"المنظمة الدولية لحقوق الملكية الفكرية" و"اتحاد الاتصالات الدولي". لكن بنغمان قال في الخطاب الذي ألقاه في جنيف ان ثمة خطراً من ان يوقع بعض الدول دون غيره على انظمة وقوانين تقترحها مختلف المنظمات، أي من عدم وجود ميثاق دولي توقع عليه دول العالم كافة. ولذلك اقترح اصدار ميثاق دولي يستند الى مبادئ التنظيم الذاتي والاعتراف المتبادل بالتراخيص وتبني حد ادنى من المبادئ والانظمة والقوانين التقييدية. والمعلوم ان حكومة الولاياتالمتحدة، التي لا تتفق مع دول الاتحاد الاوروبي بخصوص عدد من المسائل مثل حماية المعلومات وسياسة التشفير، قالت انها على استعداد للنظر في مبادرة بانغمان شرط موافقتها على كيفية تعريفها وتحديدها. وكانت آيرا ماغازينر، مستشارة الرئيس بيل كلينتون في شؤون السياسة الخاصة بانترنت قالت امام الصحافيين في بروكسيل في تشرين الأول اكتوبر الماضي ان واشنطن مهتمة بحصول تفاهم دولي شرط ان لا يأخذ هذا التفاهم شكل هيئة تنظيمية رسمية أو هيئة دولية تشارك فيها حكومات العالم. رويترز