قال مسؤولون مصريون امس ان تصاعد عمليات العنف في الجزائر والموقف الايراني منها اديا الى انتكاسة في جهود تحسين العلاقات الايرانية - المصرية خصوصاً في شأن الخطوات التي كان من المفترض أن تستكمل لجهة تحسين العلاقة، والتي دشن لها وزير الخارجية عمرو موسى خلال حضوره القمة الإسلامية في طهران الشهر الماضي. ويبدو ان تصريحات رئيس البرلمان الإيراني ناطق نوري التي اتهم فيها "جهات رسمية الجيش الجزائري بالتورط في ارتكاب المذابح ضد المدنيين" ولصقها بالإسلاميين، صدمت المسؤولين في مصر الذين اعتبروا هذه التصريحات "تدخلاً سافراً في شؤون بلد عربي شقيق ومثيرة للفتنة". وأشار المسؤولون الى ان تصريحات ناطق نوري تدعم الاعتقاد في انه "ليس هناك صوت واحد في ايران نتحدث معه"، وتؤكد الشكوك في ان "الاجواء التي هيأت بها طهران لاستقبال القمة الإسلامية كانت أجواءً غير حقيقية". ويعتبر المصريون ان الموقف الإيراني يكتسب خطورة كون إيران الرئيس الحالي للقمة الإسلامية، الأمر الذي يدعوها إلى "اتخاذ مواقف موضوعية لا تؤدي إلى انقسامات أو تثير الاضطرابات". وكانت شاعت أجواء تفاؤل في شأن تحسين العلاقات المصرية - الإيرانية بعد القمة الإسلامية استندت إلى تصريحات الرئيس الإيراني سيد محمد خاتمي ووزير خارجيته كمال خرازي وكذلك الى تصريحات للوزير عمرو موسى الذي اعتبر ان "علامات استفهام كثيرة على السياسة الإيرانية قد زالت"، وأكد "أهمية التنسيق والتشاور مع إيران". وأكد الرئيس حسني مبارك - في اجتماع وزاري أول من امس - ضرورة "إعطاء الأولوية لمساندة قضايا الدول العربية ورفض مصر التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة وعدم السماح بهذا التدخل عبر استخدام أي طرف من دون أن يسمي إيران علاقاته مع مصر كمعبر لتحقيق أهداف أو القيام بنشاطات تضر بدولة أخرى". ووفقاً للأولويات التي شدد عليها الرئيس مبارك - الذي أجرى قبل أيام اتصالاً هاتفياً مع نظيره الجزائري اليمين زروال - أكد مسؤول مصري ل "الحياة" دعم بلاده الجزائر وجهودها لاستئصال الإرهاب، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية. واعتبر المسؤول ان "المساندة الحقيقية للقضاء على الإرهاب، سواء من جانب دول أوروبية أو إسلامية، تكون بدعم الجهود المبذولة في هذا الاتجاه بأي شكل من الأشكال المقبولة وفي مقدمها المساعدة في منع نشاطات العناصر الإرهابية التي تعيش في مأوى آمن". وعُلم أن اتصالات مصرية - جزائرية جرت أخيراً تناولت سبل التصدي لأعمال الإرهاب الإجرامية التي تهدف إلى ترويع المجتمعات والتعاون في مواجهته، ورفض أي محاولات للتدخل في الشؤون الداخلية. وأكدت "أن إيواء الإرهاب تحت شعار اللجوء السياسي وتوفير حرية الحركة والاعلام وقنوات التمويل وتبرير الإرهاب دعماً له، يُعد تدخلاً في الشؤون الداخلية أيضاً". وأفادت مصادر مطلعة أن المسؤولين الجزائريين أعربوا عن "إحباط من عدم تفاعل دول عربية وإسلامية مع الجزائر في دعوتها الى التعاون في ملاحقة الإرهاب سياسياً وأمنياً". ويتوجه وفد برلماني مصري إلى الجزائر غداً الأربعاء ضمن وفد عربي برئاسة الدكتور عبدالأحد جمال الدين رئيس لجنة الشؤون العربية في مجلس الشعب البرلمان المصري، الذي عقد اجتماعاً أمس مع السفير الجزائري في القاهرة مصطفى بن شريف للبحث في ترتيبات زيارة الوفد. في غضون ذلك، يعقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً استثنائياً اليوم الثلثاء برئاسة الأمين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد لعرض تقرير مبعوثه إلى الجزائر الأسبوع الماضي السفير مهاب مقبل الذي شدد، في تصريحات إلى "الحياة"، على "رفض الجامعة محاولات أجنبية لتدويل الأزمة في الجزائر أو المساس بسيادتها". وناشد مقبل الإعلام العربي "عدم التهويل أو الانسياق وراء الإعلام الأجنبي أو النقل عن مصادر مشبوهة". وعبر مصدر ديبلوماسي جزائري عن أسف بلاده بسبب "تدخل إيران في شؤونها الداخلية". وقال ل "الحياة": "تحاول إيران مغازلة أوروبا والتقارب معها على حساب دماء شعب الجزائر". واتهم طهران ب "المشاركة في مؤامرة ضد الجزائر والبلدان العربية تستهدف التشكيك في قدراتهما على التصدي للإرهاب".