يؤيد المسؤولون السوريون الجهود اللبنانية الرامية الى استيعاب الوضع المسيحي وتنفيس حال الاحتقان التي تسوده من حين الى آخر. ويسألون الزوار من اللبنانيين عن سبيل الولوج الى استقرار العلاقة مع بعض الاطراف المسيحيين بهدف الحفاظ على الاستقرار السياسي والنقدي؟ وفي معلومات الزوار ان المسؤولين السوريين ينظرون الى استحقاق اجراء الانتخابات البلدية، على انه محطة للتوافق بين اللبنانيين على من هو أصلح لخدمة بلدته بعيداً من الانقسام السياسي التقليدي، ما يعني ان ليست هناك محاذير سورية تتناول اي شكل من اشكال التحالفات في البلديات وحتى لو كانت بين الخصوم والاضداد. ولفت الزوار الى ان المسؤولين السوريين يعلقون أهمية على إنجاز استحقاق الانتخابات البلدية الذي من شأنه الافساح في المجال امام اشراك الشباب في تدبير شؤون قراهم، وصولاً الى تحقيق المصالحة بينهم وبين الدولة بدلاً من الاستمرار في الاضراب السياسي من موقع معارض لكل شيء في البلد. حتى ان دمشق لا تحبّذ إثارة موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية في الوقت الحاضر، وترى ان لا مصلحة في أن يتناوله كبار المسؤولين اللبنانيين. وكانت رفضت وترفض فتح هذا الملف قبل أوانه، شعوراً منها ان لا مصلحة في الاستعجال في حرق المراحل على نحو لا يخدم الحفاظ على الاستقرار. وفي هذا الصدد، علمت "الحياة" ان كبار المسؤولين السوريين يرفضون التعليق على الكلام المنسوب الى أركان الدولة، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية الياس الهراوي، في شأن انتخابات الرئاسة، ما يضطرهم الى التركيز على الهموم الاقليمية لتفادي الدخول في حوار او سجال ما دام ان فتح المعركة في الوقت الحاضر لا يخدم الرغبة في تحصين الساحة لتبقى على أهبة الاستعداد لمواجهة المناورات الاسرائىلية والتصدي لها. وفي رأي الزوار "ان دمشق لا تعترض على كل جهد تقوم به الدولة من اجل استيعاب الوضع المسيحي وتنفيسه بدلاً من ان يتحول حال إحتقان يصعب التغلب عليها". وأكد الزوار ان دمشق "تشجع الانفتاح على معظم الافرقاء المسيحيين وبالاخص الفريق الذي يبدي مجموعة من الملاحظات المشروعة ولا يحتاج علاجها الا الى تحسين اداء الحكم ليطل على اللبنانيين بصورة جيدة على خلاف الصور التي ظهر فيها في مراحل سابقة". وأضافوا "ان ارتقاء أركان الدولة الى مستوى المسؤولية في منأى عن المهاترات، يقود حتماً الى وقف تمادي حالات الاحتجاج التي تبرز أحياناً من جانب الذين يفترض بهم ان يكونوا في موقع المدافعين عن مشروع الدولة، بدلاً من ان ينضموا بملء ارادتهم الى الافرقاء المعارضين او المناوئين". وأكد الزوار "ان المسؤولين السوريين يشعرون احياناً ان الضرر الذي يلحق بالدولة يأتي في غالب الاحيان من جانب "أهل البيت" الذين يبالغون في خلافاتهم ولا يقدمون النموذج الذي يجب ان يحتذى به، كشرط لاختراق صفوف المعارضة التي لا تقف كلها في خندق واحد وتتنازعها مجموعة من الخلافات في الرأي على القضايا السياسية الرئيسية المطروحة على الساحة اللبنانية". وأشاروا الى "نية سورية الانفتاح على بعض المعارضين من غير الوجوه التقليدية". وقالوا ان "باريس شجّعت دمشق على اتباع خطة استيعابية من دون ان تسمح لنفسها بالتقدم باقتراحات عملية تاركة للمعنيين حرية التقدير لتحديد السبل الآيلة الى لملمة الوضع اللبناني من خلال مواصلة الحوار المتواصل". وكشف الزوار عن اتصالات يقوم بها حلفاء لسورية مع البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله بطرس صفير الذي التقى اخيراً في جلسة مغلقة ظلّت بعيدة من الاضواء النائب والوزير السابق عبدالله الامين، مؤكدين ان الاخير وإن كان غير مكلف في شكل رسمي مهمة خاصة، فإن مجرد الاجتماع سيؤدي الى كسر الجليد، خصوصاً ان اجتماعه تزامن مع حصول لقاءات بين شخصيات مسيحية ابتعدت مدة عن دمشق، بمسؤولين سوريين أبدوا رغبة في الاستماع الى وجهات نظرهم. وختم الزوار "ان الانتخابات البلدية وإن كانت ستسهم في خرق الجمود المسيطر على علاقة بعض الاطراف بدمشق، فإن استحقاق الرئاسة الاولى يشكل فرصة ذهبية لتطوير العلاقة من خلال اشعار هذا الفريق بالذات من المسيحيين ان لديه رأياً في اختيار رئيس الجمهورية العتيد او لا يشعر على الأقل انه مضطهد بالمعنى السياسي للكلمة".