يبدو ان كيفن كوستنر لم يستطع حتى الآن تجاوز نكسة فيلم "عالم الماء" الذي كان الأغلى في تاريخ السينما الى ان جاء فيلم "تيتانيك" ليحتل المرتبة العالمية الأولى بحوالى 200 مليون دولار. ذلك ان فيلم "عالم الماء" كلف حوالى 175 مليون دولار وفشل في استردادها سواء في عروضه السينمائية او في مبيعات اشرطة الفيديو. وللتذكير فقط نقول ان فيلم كوستنر الأسبق "الرقص مع الذئاب" كان حقق نجاحاً باهراً على رغم موازنته المعقولة مقارنة مع "عالم الماء"... وهكذا يعود كوستنر، مخرجاً وممثلاً، في فيلم جديد "ساعي البريد" الذي يجمع ملامح من الفيلمين معاً... على أمل ان يكون النجاح حليف الممثل الهوليوودي الذي لم يحقق الكثير في السنوات الثلاث الماضية. تدور احداث الفيلم "ساعي البريد" في المستقبل غير المنظور بعد ان تكون الكوارث حلت بالولاياتالمتحدة الاميركية فأعادتها قروناً الى الوراء، الى عصر رعاة البقر وقطاع الطرق حيث الصراع يدور حول القليل المتبقي من الماء الصالح لادامة البقاء الانساني. ويلعب كوستنر دور ساعي البريد الذي يوصل الارساليات البريدية الى المواقع السكانية المنعزلة مستخدماً حصانه... وبندقيته لمواجهة العصابات السائبة في المدن والبلدات المهجورة. وهكذا نرى ان كوستنر انتقم من "عالم الماء" حيث المياه تغمر كل الكرة الأرضية والناس يتصارعون على أية بقعة من اليابسة، لصالح الأرض الجافة حيث الناس يتقاتلون على قطرات الماء. ودور ساعي البريد في الفيلم تشجيع الناس وحثهم على الوقوف في وجه الاشرار الذين يحاولون السيطرة على البشر وعلى ما تبقى من موارد أولية ضرورية للحياة الانسانية. جرى تصوير "ساعي البريد" في ولاية اريزونا الاميركية قبل الانتقال شمالاً الى الحدود الكندية. ويؤدي دور زعيم الاشرار ويل باتون الى جانب الممثلة البريطانية اوليفيا ويليامس. وكلف الفيلم، وهو الاخراج الثاني لكوستنر، حوالى 75 مليون دولار، وقد بدأ عروضه التجارية في الولاياتالمتحدة في اواخر الشهر الماضي، وفي أوروبا اواخر الشهر الحالي. قصة الفيلم مأخوذة عن رواية بالاسم نفسه وضعها قبل اثنتي عشرة سنة ديفيد برين، وشارك في وضع السيناريو لها كل من اريك روث فوريست غامب وبريان هلغلاند لوس انجليس - سري. والملفت للنظر هنا ان الكارثة على الولاياتالمتحدة جاءت بفعل الحرب الاهلية الثانية التي اندعت في العام 2013 وليس من جراء حرب نووية خارجية كما جرت العادة في الافلام السابقة المماثلة. الآراء الأولى حول الفيلم في اميركا لا تبشر بالخير، ومعظم النقاد يرون ان كوستنر المخرج لم يستطع بعد ان يحقق ذاته. ويقول ناقد سينمائي اميركي ان التصوير جيد والمناظر ممتازة كما في فيلم "الرقص مع الذئاب" لكن كوستنر تلاعب كثيراً بالمضامين بحيث ضاعت المعاني الأساسية التي كان من الممكن ان تجعله واحداً من افضل افلام العام 1998. ولعل عزاء كوستنر الوحيد ان أية خسائر جديدة لن تصل الى مستوى ما حققه في "عالم الماء".