كشفت صحيفة "الرأي العام" السودانية امس في الخرطوم ان رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم حزب الامة المحظور الصادق المهدي يجري محادثات في طرابلس مع وفد حكومي سوداني رسمي يضم الأمين العام للمؤتمر الوطني النظام السياسي الدكتور غازي صلاح الدين أحد المقرّبين من زعيم "الجبهة الاسلامية" الدكتور حسن الترابي. وينتظر ان يلتحق بالوفد وزير الدولة في وزارة العلاقات الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل الذي اجرى محادثات ناجحة مع المسؤولين المصريين في القاهرة. ورجحت مصادر الصحيفة نجاح هذه الخطوة وتوصل الصادق المهدي والوفد الحكومي الى اتفاق. وزادت المصادر من تفاؤلها بأن الصادق ربما يعود قبل اكتمال اجازة مسودة دستور السودان الدائم. وأضافت المصادر نفسها، انه في حال نجاح هذه الاتصالات والتوصل الى اتفاق ربما تفضي الخطوة التالية الى مشاركة فعلية في اعمال اللجنة التي تعكف حالياً على كتابة الدستور وفي السلطة نفسها، وأن تكون هناك مشاركة مقبولة لدى الجميع. يذكر ان الصادق المهدي أبدى من قبل ترحيباً حذراً بالحوار مع الحكومة مشروطاً لبعض الضمانات. ووصف ما يصدر من الحكومة في شأن الوفاق بأنه "مشجع لكنه لا يكفي ما لم يكن مصحوباً بضمانات". وكان الدكتور غازي صلاح موفد الحكومة، اكد على ضرورة ان يشمل الوفاق المعارضة ورموزها وأن يكون وفاقاً مؤسساً وشاملاً. ويقول مراقبون ان إرسال الحكومة للرجل الثالث في الجبهة الاسلامية بعد نائب الترابي علي عثمان محمد طه وزير الخارجية الحالي للقاء الصادق المهدي يؤكد تخليها عن التشدد في رفض مصالحة الاحزاب. ويقود غازي صلاح الدين الجناح المتشدد في التيار الاسلامي "الصقور" الرافض لعودة الاحزاب للعمل في السودان. وقال وزير الخارجية السوداني علي عثمان محمد طه ان السودان سيشهد خلال الاشهر القليلة المقبلة تطورات مهمة على الصعيدين المحلي والخارجي، وان برامج واقعية وطموحة وضعت لتنفيذ السلام الشامل في غضون السنة الجارية، لتبدأ بعد ذلك خطط التنمية والعمران. وأضاف الوزير، الذي كان يتحدث امام مؤتمر القطاع الديبلوماسي التابع لأمانة المؤتمر الوطني التنظيم السياسي "ان السودان يتجه نحو تكوين جبهة للمؤمنين تضم كل الاديان لتواجه تحالفات العلمانية التي تدعو للانحلال والفساد".ورغم ان الوزير السوداني لم يكشف طبيعة هذه التطورات الا ان عباس النور منسق اللجنة القومية للدستور كشف في المؤتمر نفسه، ان الدستور المرتقب يحمل في طياته حرية التنظيم والتعبير. الامر الذي يعني ضمنياً عودة الاحزاب لممارسة نشاطها الذي حُظر في 1989 في أولى مراسيم الحكومة. من جهة اخرى، اعلن الناطق الرسمي باسم القوات السودانية المسلحة ان 150 من مقاتلي "الجيش الشعبي" الذي يقوده العقيد جون قرنق سلموا انفسهم امس للقوات السودانية في منطقة كبويتا العسكرية شرق الاستوائية جنوب السودان. وفي اطار الوضع الاقتصادي، قال وزير المال السوداني الدكتور عبدالوهاب عثمان ان علاقات السودان مع مؤسسات التمويل الدولية شهدت تحسناً ملموساً في الفترة الاخيرة. وأضاف ان السودان ملتزم تسديد الدفعات التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي. وزاد الوزير السوداني الذي كان يتحدث امس في مؤتمر صحافي في الخرطوم ان البرنامج الذي ينفذ مع الصندوق وضعه السودان ويستهدف هيكلة الاقتصاد ووقف التدهور في قيمة العملة الوطنية وخفض التضخم. وأكد ان النتائج التي تحققت بتنفيذ البرنامج اكثر مما كانت حيث انخفض التضخم من 70 في المئة الى 30 في المئة.