يعتزم المغرب العودة الى السوق المالية الدولية بعد انتهاء شهر رمضان المبارك لترتيب بيع ما يراوح بين 500 و600 مليون دولار من ديونه المستحقة التسديد السنة المقبلة كان تم التعاقد في شأنها في الثمانينات بفائدة مرتفعة. ويتولى مصرف "جي بي مورغن" تقديم المشورة الفنية والمالية. وهذه هي المرة الثانية التي يلجأ فيها المغرب الى السوق المالية الدولية بعد ان غاب عنها منذ بدء برنامج التقويم الهيكلي قبل 13 عاماً. ويدعم البنك الدولي الخطة ومنح ضمانات في شأنها للمصارف الراغبة في ترتيب شراء جزء من الديون المغربية. وتنتهي الاسبوع الجاري عملية تأمين قرض سابق بقيمة 200 مليون دولار يتولى تنفيذه كونسورتيوم مصارف المانية ويابانية وعربية يقوده مصرف "كوميرز بنك" الالماني الذي حصل على مقعد في مجلس ادارة "البنك المغربي للتجارة الخارجية" بعد رفع حصته في رأس ماله الى عشرة في المئة. وقال وزير المال والصناعة والتجارة ادريس جطو "ان العملية تبدو مشجعة وتسمح ببيع جزء من الدين الخارجي القديم بشروط تفضيلية كان المغرب اعاد جدولته في الثمانينات بفائدة ثابتة". وتقاس نسبة الفائدة التي يتم الاقتراض بها حالياً بقياس معدلات ليبور اللندنية زائد ربع نقطة وهو معدل امتيازي مقارنة بمعدلات الفائدة التي كانت سائدة في الثمانينات. وأشار جطو الى ان بيع بعض الديون سيسمح بخفض حجم قيمتها قياساً الى اجمالي الناتج القومي، كما يساهم في تقليص الاعتمادات الموجهة للتسديدات بالنسبة لنفقات موازنة الدولة بما يزيد في حجم الاستثمارات. ويسعى المغرب، حسب خبراء وزارة المال، الى كسب نحو 14 نقطة في برنامج معالجة الديون بحيث تقل عن 40 في المئة في اجمالي الناتج المحلي في السنة 2000. وتمثل خدمات الديون الخارجية وحدها نحو سبعة في المئة من اجمالي الناتج المحلي وستصل الى بليوني دولار في نهاية 1998. وكان المغرب عمد في نهاية 1997 الى شراء ديون قديمة بقيمة 260 مليون دولار مستحقة لكل من "البنك الافريقي للتنمية" و"اكسيم بنك" الياباني وفق شروط امتيازية حسب مصادر مطلعة. وينتظر ان تبدأ فرنسا تطيق اتفاق مبادلة 4.1 بليون فرنك من الديون الثنائية وتحويلها الى استثمارات في المغرب كان تم التعاقد في شأنها اثناء زيارة دونيك شتراوس كان وزير الاقتصاد الفرنسي الى الرباط الشهر الماضي، وتشمل الخطة استخدام نظام المبادلة الذي يسمح بتملك حصص استثمارية مقابل التخلي عن قيمتها بالعملة الصعبة. وكانت التجربة الاولى التي شملت 600 مليون فرنك استنفذت من قبل شركات فرنسية ومغربية دفعت قيمتها للخزينة الفرنسية وحصلت على قيمتها من الخزينة المغربية بالدرهم المغربي. وبدأت اسبانيا ايضاً تنفيذ اتفاق مماثل قيمته 37 مليون دولار لصالح مناطق الشمال المغربي المطلة على البحر الابيض المتوسط، وكانت اسبانيا بادلت العام الماضي 50 مليون دولار اخرى لحساب شركاتها في المغرب. ووعدت كل من ايطاليا والمانيا الاستجابة للطلب المغربي ضمن الاتحاد الاوروبي واتفاق الشراكة الذي بدأ تنفيذه منذ مطلع السنة الجديدة بعد مصادقة البرلمانات الاوروبية عليه. ويدعم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي برنامج معالجة الديون المغربية ويعتبر الوقت مناسباً لشطب جزء من الديون القديمة واعادة تحديث نسب الفائدة عبر اقتراضات جديدة امتيازية. وينصح خبراء البنك الدولي المغرب بالتغلب على عبء الدين مع مطلع القرن المقبل لتمكينه من مضاعفة حجم الاستثمار العام وتسريع وتيرة التنمية الضرورية في مجالات منطقة التجارة الحرة مع اوروبا. واعتبر تحليل مصرف "ميريل لينش باريس" الاسبوع الماضي ان المناخ العام المرتقب طيلة 1998 مفيد لمعدلات الفائدة طويلة الاجل للدول الناشئة بفعل الازمة في شرق آسيا. وقال "البنك المغربي للتجارة الخارجية" ان ارتفاع سعر صرف الدرهم مقابل عملات اوروبية العام الماضي يساعد في تقليص حجم الدين الخارجي. ويرغب المغرب الاستفادة من تحسن احتياط النقد الاجنبي لمعالجة ثقل الديون وهي بنحو 21 بليون دولار. وكانت الخزانة المغربية استفادت من نحو 2.1 بليون دولار من الاستثمارات الاجنبية الخاصة العام الماضي كما ادى تقلص استيراد القمح وزيادة صادرات الفوسفات الى تخفيض عجز الميزان التجاري نحو 900 مليون دولار في حين ارتفع احتياط القطع والذهب الى 6.4 بليون دولار تكفي نصف سنة من واردات السلع والخدمات. وينتظر ان يحقق الاداء الاقتصادي المغربي نسبة نمو في حدود 7 في المئة نهاية 1998 بعد استئناف نشاط القطاع الزراعي الذي كان تضرر العام الماضي من الجفاف.