تدرس الشركات الاميركية المصنّعة للسيارات كيفية التصدي للأزمة التي تهزّ اسواق المال الآسيوية وتهدد بإغراق الولاياتالمتحدة بسيارات يابانية وكورية زهيدة الثمن. وساهم احصاء شهري اخير نشر مساء الخميس الماضي في تعزيز قلق القائمين على صناعة السيارات في الولاياتالمتحدة من تأثيرات الازمة المالية الآسيوية التي بدأت منذ نحو ستة اشهر من دون توقف. وقالت دراسة اعدتها مجموعة "سي. ان دبليو ماركتينغ" ان مصنّعي السيارات الاجانب من اوروبيين وآسيويين سيطروا الشهر الماضي على 52 في المئة من مبيعات السيارات في الولاياتالمتحدة وعلى 42 في المئة من اجمالي هذه المبيعات اذا اضيفت اليها صفقات بيع اساطيل سيارات الشركات التي يتفوق فيها عادة المصنّعون الاميركيون المحليون. ويبدو تأثير الازمة الآسيوية واضحاً في الولاياتالمتحدة من خلال ارتفاع نسبة مبيعات السيارات الاجنبية وفي طليعتها اليابانية والكورية من رقمها "القياسي" المسجل للمرة الاولى في آب اغسطس الماضي وبلغ آنذاك 42.9 في المئة، وذلك قبل ان يواصل الارتفاع على مدى الاشهر الماضية ووصل الى 52 في المئة الشهر الماضي. وقالت الشركات الاميركية الرئيسية الثلاث وهي "فورد" و"جنرال موتورز" و"كرايزلر" ان حصتها من السوق الاميركية تراجعت بمقدار ثلاثة في المئة الاسابيع الخمسة الماضية. ويقود اليابانيون حركة المبيعات من خلال التفوق الكاسح ل "تويوتا" التي باعت العام الماضي نحو 1.16 مليون سيارة وشاحنة خفيفة وفي مقدمها سيارة "كامري" المتوسطة الحجم التي انتخبت "سيارة عام 97" في الولاياتالمتحدة وحلّت وراءها في المرتبة الثانية "هوندا اكورد". واعلنت الشركات الاوروبية تسجيل ارتفاع في مبيعاتها الشهر الماضي بلغ 55.4 في المئة حققتها "بي. ام. دبليو" و71 في المئة حققتها "بورش" و64.6 في المئة حققتها "مرسيدس". وركزت الشركات الاميركية الكبرى الثلاث استراتيجيتها على مدى الاعوام السبعة الماضية على بناء شاحنات نصف نقل خفيفة بسبب ازدياد اقبال الاميركيين على اقتنائها. وتستحوذ هذه الشركات على 75 في المئة من اجمالي مبيعات هذا الصنف من المركبات الذي تهيمن عليه بقوة. وتوافقت هذه الاستراتيجية مع سياسة تقشف وخفض نفقات جذرية سمحت بزيادة تنافسية المركبات والسيارات الاميركية الا انها ادت الى صراعات مع نقابات العمال بسبب السعي الى الغاء واقفال الكثير من خطوط الانتاج والمصانع داخل الولاياتالمتحدة واوروبا. واستطاعت شركات السيارات الفخمة الاميركية رفع مبيعاتها على مدى الاعوام الماضية وزيادة حصتها من السوق الاميركية عبر تقديم منتجات تقل اسعارها عن 30 ألف دولار وبينها "بي. ام. دبليو" التي اعلنت قبل يومين تحقيق نمو في حجم مبيعاتها بلغ 120 في المئة منذ عام 1991. وحققت الشركات اليابانية والكورية زيادات اكبر في معدل مبيعاتها مركّزة في شكل خاص على فتح مزيد من المصانع في الولاياتالمتحدة وكندا. وقالت "تويوتا" امس انها تنوي افتتاح مصنع خامس للسيارات علاوة على مصنع للشاحنات الخفيفة نصف نقل قيد البناء في برنستون في انديانا، ينتظر ان يبدأ الانتاج نهاية السنة الجارية. وتنوي المجموعة اليابانية العملاقة بناء مزيد من الطائرات الرياضية داخل مصانعها في اميركا الشمالية اضافة الى نقل خطوط انتاج بعض نماذجها الناجحة مثل "اي. اس 300" و"لكزس" الى الولاياتالمتحدة. وشكلت نسبة مبيعات السيارات الاجنبية المصنّعة في اميركا الشمالية 57 في المئة من اجمالي مبيعات الشركات الاجنبية الشهر الماضي. وتبدو استراتيجية المصنّعين الاجانب متناقضة تماماً مع سياسة التقشف التي تتبعها الشركات الاميركية ومنها "كرايزلر" التي سرحت اكثر من 10 ألف عامل منذ 1996 ليصل عدد عمالها العام الماضي الى 227 الف عامل و"جنرال موتورز" التي عانت من اربع اضرابات عمالية في الولاياتالمتحدة العام الفائت التي تنوي الاستمرار في سياسة اغلاق مصانعها لخفض اكلافها التشغيلية. ومن شأن تراجع اسعار العملات الآسيوية ان يؤدي الى خفض اكلاف واردات قطع الغيار والسيارات اليابانية والكورية والى زيادة الضغط على اسواق السيارات الاميركية داخل الولاياتالمتحدة وحول العالم. واشار المحللون الاقتصاديون امس الى ان انخفاض اسعار السلع الاستهلاكية في الولاياتالمتحدة العام الماضي بلغ 1.2 في المئة وهو اكبر انخفاض منذ 11 عاماً. وقالوا ان السبب الرئيسي يعود الى رخص الواردات الآسيوية في المرتبة الاولى.