قدّم رئيس وزراء أرمينيا سيرج سركيسيان استقالته أمس، تزامناً مع انطلاق حركة احتجاج بزعامة نيكول باشينيان ومشاركة جنود في التظاهرات المناهضة للحكومة. ووَرَدَ في بيان أصدره سركيسيان: «في الوضع الحالي هناك حلول كثيرة، لكنني لن أختار أياً منها، فهذا ليس أسلوبي. أتخلّى عن قيادة البلاد، وعن منصب رئيس وزراء أرمينيا». وأعلن أنه ينحني أمام مطالب المحتجين، مشدداً على رغبته في أن تبقى بلاده سالمة، وأضاف: «نيكول باشينيان كان على حق، وأنا كنت مخطئاً». ونقلت وكالة «ريا» الروسية للأنباء عن المكتب الصحافي للحكومة الأرمينية أن كارن كارابيتيان، النائب الأول لسركيسيان، سيتولى رئاسة الوزراء بالوكالة، علماً أن أمام الأحزاب في البلاد 7 أيام لاقتراح اسم رئيس وزراء جديد. وكان كارابيتيان أعلن أنه سيلتقي باشينيان ل «مناقشة حوار محتمل»، عشية الذكرى السنوية للمجازر الأرمنية (1915). وتحدث عن «يوم مهم جداً بالنسبة إلى شعبنا»، في إشارة إلى مسألة حساسة في العلاقات بين أرمينيا وتركيا، إذ ترى يريفان «إبادة» في مقتل 1,5 مليون أرمني خلال السنوات الأخيرة من حكم السلطنة العثمانية، وهذا ما ترفضه أنقرة. وأطلقت السلطات باشينيان، قبل ساعة على تقديم سركيسيان استقالته. وبثّ التلفزيون مشاهد له بين مؤيّديه رافعين أعلاماً أرمينية، بعد 11 يوماً على تظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف، انضمّ إليهم أخيراً مئات من «الجنود الفاعلين من لواء حفظ السلام»، تعهدت وزارة الدفاع «ملاحقتهم (لأنهم) انتهكوا القانون». أما وزير الدفاع فيغين سركيسيان فدعا المتظاهرين والسلطات إلى «حوار» قائلاً: «لا أريد أن يتقاتل أرمني وأرمني آخر». وأشار وزير الخارجية إدوارد نالبانديان إلى أن بلاده «تعترف بحق التظاهر بحرية، وتكفل أن يتمكن الناس من ممارسة هذا الحق»، وحضّ المحتجين إلى «احترام قانون التظاهرات». وكان آلاف المتظاهرين، بينهم طلاب وعسكريون خرجوا في مسيرة ضخمة في العاصمة يريفان، وأغلقوا طرقاً، مطالبين باستقالة سركيسيان (63 عاماً) الذي يتهمونه بالتمسك بالسلطة، بعد تعيينه رئيساً للوزراء مع صلاحيات معززة، وبعد 10 سنين على توليه رئاسة الجمهورية. كما يأخذون عليه عجزه عن الحدّ من الفقر والفساد، فيما يسيطر أثرياء مقرّبون منه على اقتصاد البلد القوقازي. وأوقفت النيابة العامة الأرمينية باشينيان خلال مشاركته في تظاهرة، بعد اجتماع فاشل عقده مع سركيسيان، بتهمة «ارتكاب أعمال تشكّل خطراً على المجتمع». في موسكو، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إن الكرملين يتابع «عن كثب الوضع في أرمينيا» التي وصفها ب «حليف قريب جداً، وبلد مهم جداً» بالنسبة إلى روسيا. واستدرك أن حركة الاحتجاج «شأن أرميني داخلي». وكان توقيف الشرطة باشينيان وزعيمَين للمعارضة، إضافة إلى حوالى 200 محتج، أثار انتقادات من الاتحاد الأوروبي الذي أبدى «قلقاً» لتفاقم الأزمة في البلد، داعياً «جميع الأطراف إلى ضبط النفس، والتحلّي بحس المسؤولية، والبحث عاجلاً عن حلّ من خلال مفاوضات».