تشترك دول عدة في اتباع نظام الشورى، كنظام برلماني داخلي، أهمها السعودية، التي تدعمها حالياً كثير من دول مجموعة العشرين في استضافة رؤساء برلمانيات هذه الدول، طرح ملفات وقضايا عدة على طاولته. والمتتبع لتاريخ هذا النظام، سرعان ما يكتشف أنه بدأ باكراً في المملكة، منذ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل الذي كان (دائم المشورة لأهل الحل والعقد، وأصحاب الخبرة في الشؤون السياسية، والمالية، والعسكرية، ولم يكن يقبل أي أمر يخالف الكتاب والسنة، كما أنه لم يؤثر فيه أنه انفرد بأمر من الأمور دون الاستشارة)، وذلك بحسب ما ورد في كتاب خير الدين الزركلي «شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز» الذي جاء فيه أن: الملك عبدالعزيز حين دخوله مكةالمكرمة عام 1343ه، إبان توحيد البلاد، كانت الشورى أولى الأمور التي دعي إليها، وعقد اجتماع للأخذ بها في الثاني عشر من جمادى الأولى عام 1343ه، وأنه في يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر جمادى الأولى من عام 1343ه، التقى السلطان عبدالعزيز بعلماء البلد الحرام للتشاور في الشكل الذي ينبغي لإدارة البلاد، والدعوة إلى تشكيل مجلس للشورى، ومما ذكره في ذلك اللقاء: «تجدون بعض الحكومات تجعل لها مجالس للاستشارة، ولكن كثيراً من تلك المجالس تكون وهمية أكثر منها حقيقية، تشكل ليقال إن هناك مجالس وهيئات، ويكون العمل بيد شخص واحد، وينسب العمل للمجموع، أما أنا فلا أريد من هذا المجلس الذي أدعوكم لانتخابه أشكالاً وهمية، وإنما أريد شكلاً حقيقياً يجتمع فيه رجال حقيقيون، يعملون جهدهم في تحري المصلحة، لا أريد أوهاماً، وإنما أريد حقائق، أريد رجال يعملون». وفي الاجتماع المشار إليه اتفق المجتمعون على انتخاب أعضاء للمجلس من (12) عضواً، برئاسة الشيخ عبدالقادر الشيبي، وقد استمر عمل هذا المجلس قرابة الستة أشهر، ورغبة من المؤسس في إشراك أكبر عدد من الأهلين في إدارة الشؤون المحلية، أمر بحل المجلس السابق، وانتخاب عضو من كل حارة من حارات مكةالمكرمة، واثنين من العلماء، وواحد عن التجار، إضافةً إلى ثلاثة من الأعضاء يعينهم السلطان من أعيان البلد، ليكون عددهم (12) عضواً، وجاء تشكيل هذا المجلس برئاسة الشيخ محمد المرزوقي، والشيخ عبدالقادر الشيبي، نائباً للرئيس، وعضوية (15) عضواً، واستمر المجلس لمدة خمسة أشهر تقريباً. وفي عام 1345ه انتهت الحرب في الحجاز، واستقرت الأمور في البلاد، فعين الملك عبدالعزيز، الأمير فيصل بن عبدالعزيز (الملك فيصل لاحقاً) نائباً له في الحجاز، في 28/6/1344ه، حين ذلك أمر جلالته بتأليف هيئة تأسيسية مكونة من ثمانية أعضاء لوضع التعليمات الأساسية لتشكيلات الحكومة، وبعد أن أكملت الهيئة التأسيسية عملها، وفي 21/2/1345ه صدرت التعليمات الأساسية، إذ يشير القسم (الرابع) المتعلق بمجلس الشورى إلى أن المجلس يتشكل برئاسة النائب العام و(10) أعضاء، وتم تشكيل المجلس غير أنه لم يعمل سوى عشرة أشهر تقريباً حتى 7/1/1346ه. وفي عام 1346ه ، وبعد يومين من حل المجلس السابق، أي في التاسع من شهر المحرم لعام 1346ه، صدر أمر ملكي بتعديل القسم (الرابع) من التعليمات الأساسية الخاص بمجلس الشورى، وهو يعد أول صدور لتنظيم رسمي لنظام مجلس الشورى جاء في (15) مادة، وبأعضاء مفرغين، وجاء التشكيل من الرئيس وثمانية أعضاء، وقد افتتح الدورة الأولى الملك عبدالعزيز، وذلك في يوم الخميس الموافق 14/1/1346ه. وقد استمر هذا المجلس في سنته الأولى من دورته الثانية، ونظراً لكثرة الأعمال المناطة به، ومن خلال الممارسة العملية فقد تطلب الأمر إجراء بعض التعديلات، وصدر بعد التعديل في (14) مادة، وذلك في 1347ه، وأهم التعديلات هو ما تم على المادة الأولى التي حددت في السابق عدد الأعضاء ب(8) أعضاء. فقد أطلق العدد بعد التعديل، كما حدد النظام المعدل نائبين للرئيس، وبذلك يكون هذا هو النظام الرسمي المعتمد للمجلس، وفي العام نفسه صدر أول نظام داخلي للمجلس في (24) مادة، كما صدر في العام نفسه ملحق نظام مجلس الشورى في (7) مواد. ... وصلاحيته استدعاء وزراء ومسؤولين ل«الإيضاح»