ما زالت الإدارة الأميركية مترددة في دعوة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى التنحي، على رغم إعلان بعض المسؤولين استياءهم من أدائه، وشعورهم بأنه أصبح عبئاً على سياساتهم، في العراق وفي الإقليم أيضاً. (للمزيد). وفيما أعلن الرئيس باراك أوباما إرسال 300 «مستشار» لتدريب القوات العراقية وشن عمليات واضحة الهدف ضد «الإسلاميين المتطرفين ومنع سقوط بغداد في أيديهم»، أكد وزير الخارجية جون كيري أمس أن واشنطن تسعى إلى مساعدة «كل العراقيين وليس المالكي وحده»، وأضاف أن «التعاون مع إيران في المسألة العراقية سيقتصر على تبادل المعلومات». إلى ذلك، يعقد «التحالف الوطني العراق» (الشيعي) اجتماعات متواصلة لتسوية الخلافات بين مكوناته، والبحث في إمكان اختيار بديل لرئيس الوزراء نوري لمالكي «يكون مقبولاً من سائر الأطراف وقادراً على التغيير، من خلال البرلمان والمؤسسات الرسمية». وأكد أوباما إرسال المستشارين العسكريين الى بغداد لتدريب الجيش، مشدداً على أن القوات العراقية «لن تتمكن من التحرك من دون انهاء الانقسامات المذهبية في العراق، وعلى الحكومة الجديدة أن «تمثل الجميع كي تكون قادرة على تخطي الأزمة». وأضاف ان تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) «يشكل تهديداً للأمن العراقي والاقليمي وللمصالح الأميركية». وتابع أن الولايات المتحدة «زادت عملياتها الاستخبارية لرصد تحركات التنظيم» وقد تشن غارات محددة الهدف ضد معاقله. وأكد مسؤول أميركي أن واشنطن تستخدم مقاتلات وطائرات استطلاع من دون طيار، خصوصاً مقاتلات «اف 18» التي تقلع من حاملة الطائرات «جورج دبليو بوش» الموجودة حاليا في الخليج. وانتقد أوباما ضمناً المالكي، مؤكدا أن الانقسامات المذهبية «زادت في السنتين الأخيرتين ولم تجر إصلاحات تتيح للأقليات المشاركة في الحكم». ودعا الى تشكيل حكومة «تمثل جميع العراقيين». ولم يعلق على المطالبة بتنحي المالكي، مؤكداً أن هذا الأمر يعود إلى العراقيين. وتزامن كلام أوباما مع نقل صحيفة «نيويورك تايمز» عن قادة عراقيين قولهم أن هناك "دعماً أميركياً لاستبدال المالكي بشخص مقبول من السنة والأكراد والأكثرية الشيعية». وأفادت الصحيفة أن السفير الأميركي الجديد في العراق روبرت بيكروفت، والمسؤول في الخارجية الأميركية بريت ماغيرك التقيا رئيس البرلمان أسامة النجيفي والسياسي أحمد الجلبي. وقال نبيل الخشاب، مستشار النجيفي أن المسؤولين الأميركيين «قالا بوضوح أنهما لا يريدان بقاء المالكي». وأكد كيري خلال مقابلة مع شبكة «ان بي سي» ان الولايات المتحدة تسعى إلى «مساعدة كل العراقيين في مواجهة تهديد الجهاديين السنة وليس (مساعدة) المالكي وحده».ولتبديد القلق حيال احتمال تعاون الولايات المتحدة مع ايران، قال: «نحن لا نفكر في ذلك، هذا ليس مطروحا على للبحث» لكنه لم يستبعد تبادل المعلومات مع طهران. في بغداد أكدت مصادر رفيعة في «الإئتلاف الوطني العراقي» (الشيعي) ل»الحياة» السعي إلى إجراء تغيير جذري في تركيبة الحكومة العتيدة، عبر القنوات الرسمية والقانونية، بما يضمن اختيار رئيس للوزراء قادر على مواجهة الأزمة. واكدت ان «اجتماعات مكونات التحالف الاخيرة ركزت على تغيير الحكومة، من خلال قبول كل الكتل النيابية بالمرشح الذي سيطرحه التحالف». واضافت ان «المراجع الدينية في النجف دعت الى تغيير في العملية السياسية، لكن بعضهم لم يفهم دعوتها في شكل صحيح فانتخب الوجوه ذاتها التي حذرت منها». وأوضحت ان «التحالف يريد احداث التغيير المنشود عبر البرلمان، وسيطرح مرشحه لرئاسة الحكومة الجديدة خلال انعقاد الجلسة الاولى، ومرشحه الأقوى حظا هو احمد الجلبي، فهو يحظى بقبول كل الأطراف، كما أنه مقبول بالنسبة إلى المجتمعين العربي والدولي». واكدت ان «سبب فشل حكومة المالكي هو عدم انفتاحها على محيطها، ناهيك عن انها همشت الجميع بما فيها الشركاء الشيعة، مثل تيار الصدر والمجلس الأعلى وتيار الإصلاح». وتابعت ان «فتوى المرجعية الاخيرة (الدفاع الكفائي) رسالة اخرى إلى ضرورة التغيير لأن السياسة العقيمة التي انتهجها المالكي أوصلت البلاد الى ما هي عليه الان ودقت ناقوس الخطر، ما استدعى تدخل المرجع». ويتمسك إئتلاف المالكي «دولة القانون» بزعيمه مرشحاً وحيداً لرئاسة الحكومة، فيما تعجز الاطراف الشيعية الاخرى التوافق شيعي على بديل. وهذا جوهر الأزمة السياسية الشيعية – الشيعية. ويأمل المالكي في استثمار الانهيار الامني لتوحيد الشيعة تحت قيادته.