طرابلس، باريس، لندن - «الحياة»، أ ف ب ، رويترز - قدم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون دعماً كبيراً للحكومة الانتقالية في ليبيا في زيارة متزامنة تفتح الباب لإعادة ليبيا إلى المجموعة الدولية، اعلنا فيها تحركات لإفراج عن بليونات الدولارات من الاموال الليبيبة المجمدة في الخارج لمساعدة الحكومة الانتقالية في الوفاء بإلتزاماتها. كما اعلنا مواصلة الجهود لاعتقال العقيد الليبي المخلوع معمر القذافي ومحاكمته. غير ان ساركوزي وكاميرون شددا على ان امام ليبيا «عملاً لكي يتم انجازه» قبل ان تصل إلى مرحلة الاستقرار السياسي. فيما قالت الحكومة الموقتة في ليبيا إن حلفاءها في الحرب لهم الاولوية في أي صفقات مستقبلية مع البلاد وحذرت من أنها ستراجع بعض العقود القائمة للتأكد من خلوها من الفساد. ومن المتوقع ان يزور رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ليبيا اليوم. وفي مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي خلال زيارتهما إلى طرابلس، تعهد رئيس الوزراء البريطاني ان تساعد بلاده في تعقب القذافي. وقال كاميرون: «الامر لم ينته... سنساعدكم في العثور على القذافي وتقديمه للعدالة». ودعا رئيس الوزراء البريطاني القذافي وانصاره الى الاستسلام، موضحاً «الامر انتهى... استسلموا... ان آوان ان يستسلم (القذافي) وان ينال الشعب الليبي العدالة»، متعهداً ان يواصل حلف شمال الاطلسي عملياته طالما استمر انصار القذافي في قتال قوات الحكومة الانتقالية في ليبيا. وأضاف:»نحن على استعداد لتقديم العون لكن نريد ان نعرف ما هو أهم شيء تريدونه منا... هذه هي اللحظة التي يمكن ان يتحول فيها الربيع العربي الى الصيف العربي ونرى الديمقراطية تزحف الى دول أخرى أيضا». وأكد كاميرون ان الليبيين مسؤولون عن بلادهم وأنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لتحقيق السلام والديموقراطية. وتابع: «ما زال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به وما زال امامنا طريق طويل. لكنني أعتقد أن من المهم التواجد هنا لاظهار الدعم الدولي للمجلس الوطني الانتقالي». وفي تصريح أدلى به في المطار، قال كاميرون إن «بريطانيا لعبت دوراً افتخر به للغاية لكن في نهاية المطاف هذا ما فعله الليبيون بأنفسهم وأردت أن أحضر لتهنئتهم والتوصل الى كيفية تقديمنا المساعدة في المرحلة القادمة في اعادة بناء دولتهم». من جهته قال ساركوزي إنه يجب اعتقال القذافي وكبار مسؤوليه السابقين ومساءلتهم عن أفعالهم خلال الانتفاضة الليبية. واوضح ساركوزي «لا بد من اعتقال السيد القذافي ومساءلة جميع المتهمين بارتكاب جرائم بموجب القوانين الدولية عما اقترفوه». وحث كل الدول على العمل مع السلطات القضائية الدولية في تعقب المسؤولين بحكومة القذافي، مؤكدا أنه لن تكون هناك أي مصالحة في ليبيا ما لم تتحقق العدالة. غير ان الرئيس الفرنسي دعا الى عدم القيام «بأعمال انتقامية او تصفية حسابات» في ليبيا. وكان لافتاً اعلان الرئيس الفرنسي انه يهدي الزيارة التي يقوم بها إلى ليبيا إلى كل «الذين يتطلعون الى سورية حرة». وقال ساركوزي خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع كاميرون وابرز مسؤولين في المجلس الوطني الانتقالي الليبي «اتمنى ان يحظى الشبان السوريون بنفس الفرص مثل شباب ليبيا» وان يحصلوا على الديموقراطية. واضاف: «اود ان أهدي هذه الزيارة الى كل الذين يتطلعون الى ان تصبح سورية دولة حرة يوماً ما». وشدد الرئيس الفرنسي على ان المنفعة لم تكن دافعا ولم تكن لدى فرنسا «اية حسابات» بشأن ثروات ليبيا وراء المساعدة التي قدمتها، مؤكدا ان الفرنسيين قاموا بذلك «لانه الامر الصواب». وتابع: «ليست هناك اية منفعة او حسابات ولا أي اتفاق ونحن لا نطلب اي معاملة تفضيلية، لقد قمنا بذلك لانه الامر الصواب»، مشيرا الى ان كل ما قيل في بعض وسائل الاعلام «خاطىء». فيما قال كاميرون إن حكومته تتطلع الى الافراج عن 12 بليون جنيه استرليني أخرى (18 مليار دولار) من الاصول الليبية اذا ما وافق مجلس الامن الدولي على قرار بشأن ليبيا. وأوضح كاميرون «افرجنا (بريطانيا) بالفعل عن أصول ببليون جنيه واذا ما تمكنا من الحصول على موافقة على قرار في الاممالمتحدة سنقدمه مع فرنسا غدا (اليوم) ستكون هناك 12 بليون جنيه أخرى من الاصول في بريطانيا وحدها سنتطلع الى الافراج عنها». كما أعلنت الحكومة البريطانية صرف 600 مليون جنيه استرليني من الاموال الليبية المجمدة لديها. وقال ناطق باسم كاميرون: «سنصرف حوالى 600 مليون جنيه استرليني (688 مليون يورو) من الاموال الليبية التي كانت مجمدة بموجب قرارات الاممالمتحدة». ويقول حكام ليبيا الجدد إن المجتمع الدولي يتباطأ في الافراج عن الاصول الليبية المجمدة. وقال ديبلوماسيون إن بريطانيا وزعت على أعضاء مجلس الامن الدولي مسودة قرار لتخفيف العقوبات المفروضة على المؤسسة الوطنية الليبية للنفط والبنك المركزي وتأمل أن يتم التصويت عليه هذا الاسبوع. من ناحيتها، قالت الحكومة الموقتة في ليبيا إن حلفاءها في الحرب لهم الاولوية في أي صفقات مستقبلية مع البلاد، وحذرت من أنها ستراجع بعض العقود القائمة للتأكد من خلوها من الفساد. وقال مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي خلال المؤتمر الصحافي إن المجلس الوطني الانتقالي لم يوقع اتفاقات مسبقة مع الحلفاء والاصدقاء لكنه سيقدر جهودهم وستكون لهم الاولوية من خلال اطار عمل يتسم بالشفافية. وأضاف أن العقود الحالية التي وقعت مع حكومة القذافي ستخضع للمراجعة للتأكد من خلوها من الفساد المالي. وقال إنه باعتباره عضواً في الحكومة السابقة فانه يعرف جيدا أن أسعار بعض العقود تتجاوز الاسعار العالمية. ووصل ساركوزي وكاميرون إلى طرابلس صباح امس، وبعد أن استقبلهما رئيس المجلس الوطني الانتقالي ورئيس الوزراء الموقت محمود جبريل، انتقل الزعيمان الاوروبيان الى المدينة في قافلة من عشرات السيارات منها بعض الشاحنات الصغيرة المزودة بالمدافع المضادة للطائرات والتي كانت رمزا للثورة الليبية. وعقب مؤتمرهما الصحافي توجه ساركوزي وكاميرون إلى بنغازي لزيارة مهد الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي. ولقي الزعيمان اللذان يصاحبهما وزيرا خارجيتهما ترحيبا حارا من مواطنين ليبيين أثناء زيارة لمستشفى في طرابلس في مؤشر على الشعبية التي حظي بها تدخلهما في شوارع ليبيا بعد 42 عاما من حكم القذافي. وانتشرت على الجدران كتابات تقول «شكرا ساركوزي» و»شكرا بريطانيا». لكن عشية زيارتهما قال رئيس المجلس الوطني الانتقالي ان البلاد تنتظرها معارك عنيفة ضد الموالين للقذافي. ومن المتوقع ان يزور رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ليبيا اليوم. كما من المتوقع ان يزورها وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو. وكان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان قد زارها اول من امس.