تتحرك السلطات في الإمارات لمواجهة عمليات تبييض الأموال، بعد تحولها الى مركز للمال والأعمال، وفي ضوء توقعات بارتفاع حدة الظاهرة عالمياً، نتيجة الخسائر التي تعرضت لها الشركات حول العالم. وأكد مدير دائرة الرقابة والتفتيش على المصارف سعيد الحامز، أن عدد التحويلات المشبوهة في الدولة «تجاوز 13 ألف حالة العام الماضي، وتخطت ستة آلاف حالة منذ بداية هذه السنة وحتى ايار (مايو) الماضي». وعلى رغم عدم تجاوز عمليات تبييض الأموال في المنطقة العربية نسبة واحد في المئة من حجم الأموال الإجمالي الذي يُبيض حول العالم سنوياً، أوضح الحامز في مؤتمر صحافي عقده في دبي أمس بالتعاون مع سلطة دبي للخدمات المالية، ان السلطات الإماراتية «تبذل جهوداً لتبنّي إجراءات وتطبيقها لمنع المجرمين من استخدام النظام المالي»، كما أنها حصلت على عضوية «فريق العمليات المالية لمكافحة تبييض الأموال»، وهي هيئة دولية أُنشئت عام 1989 بهدف تطوير السياسات الوطنية والدولية وتعزيزها لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. يشار الى أن فريق «اف آي تي اف» أصدر 40 توصية لتعزيز جهود مكافحة تبييض الأموال، التي صُممت لتطبيقها على المستوى الدولي. وبعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في الولاياتالمتحدة، أضافت 9 توصيات خاصة بمكافحة تمويل الإرهاب. وتبنت هيئات دولية عدة هذه التوصيات وصادقت عليها. ويقدر حجم عمليات تبييض الأموال على مستوى العالم بنحو 5.1 تريليون دولار سنوياً، وتشكل نسبة الأموال التي تُبيّض سنوياً بين واحد و 1.5 في المئة من الناتج العالمي. وتوقع خبراء ان يرتفع معدل تبييض الأموال في العالم 10 في المئة هذه السنة، نتيجة أزمة المال العالمية، ما يمكن أن يدفع شركات دولية الى التساهل في تعاملاتها للحصول على سيولة وتعويض خسائرها المالية، يزيد حدة انتشار الظاهرة عالمياً. وينتج 50 في المئة من الاموال المبيضة عن تجارة المخدرات، وتتوزع البقية بين تجارة الأسلحة والدعارة وغيرها من الجرائم، في حين تستطيع الحكومات رصد 40 الى 50 في المئة فقط من هذه العمليات ومكافحته. وانضمت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، بينها الإمارات أيضاً، الى فريق عمليات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمكافحة تبييض الأموال «مينافاتف»، وهي إقليمية تعمل بأسلوب «اف آي تي إف»، تأسست عام 2004، مقرها البحرين، «انطلاقاً من إيمان دول المنطقة بعدم إمكان مواجهة هذه التهديدات، إلا من طريق التعاون بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وإنشاء نظام فاعل تحتاج إليه البلاد، وتطبقه بحسب قيمها الثقافية الخاصة والأطر التنظيمية لعملها، وأنظمتها القانونية». وفضلاً عن إقرار اتفاقات الأممالمتحدة المتعددة في هذا المجال، أشار الحامز الى أن الامارات «سنّت تشريعات خاصة في هذا المجال، وطوّرت اساليب واتبعت إجراءات وإرشادات عملية لتطبيقها». وتحرص الإمارات على ضمان ألا تجد الأموال الناتجة من نشاطات غير قانونية، بغض النظر عن مكان ارتكابها، طريقها إلى النظام المالي للدولة. ووضعت الدولة إطار عمل شاملاً يتضمن قوانين وإجراءات وتشريعات لمكافحة تبييض الأموال وعمليات تمويل الإرهاب. وتفرض قوانينها عقوبات صارمة على هذه النشاطات. واتخذ مصرف الإمارات المركزي إجراءات لمشاركة المجتمع الدولي في جهود مكافحة تبييض الأموال. كما أسس «وحدة الحالات المشبوهة ومكافحة تبييض الأموال». وأكد الرئيس التنفيذي لسلطة دبي للخدمات المالية بول كوستر، ان مركز دبي المالي العالمي «عدّل أسلوبه الرقابي تجاوباً مع التطورات التنظيمية والأحداث العالمية الجارية، إذ تعاني شركات كثيرة حول العالم الآن من الحاجة الى التمويل، وتخشى سلطة دبي للخدمات المالية لجوء أي من الشركات الى الحصول على تمويل من مصادر غير مشروعة».