لأنه ينطلق من وعي وطني متمرّد، لم يتوقف العراقي باسم قهار عند شكل فنّي بعينه، بل ينتقل من تجربة إلى أخرى، إذ انطلق كمخرج مسرحي من أستراليا قبل حوالى عقدين، ثم نجح وعرف عربياً في دمشق. حرص على تثبيت قدميه في أرض المسرح الصلبة، ومن بعدها طار على سجادة الفن السحرية فطافت به في السينما التجارية كممثل، والوثائقية كمخرج. أخيراً، كانت محطته مع الدراما التلفزيونية في القاهرة، حيث صوّر مسلسل «البوابة الشرقية» في مدينة الإنتاج الإعلامي، مع فريق عمل عراقي خالص في مقدمه الممثلون هند كامل ومناضل داوود وعلي عبد الحميد، إضافة إلى المؤلف عبد الخالق كريم والموسيقي نصير شمة، ليعرض المسلسل على قناة «الشرقية» العراقية. عن تجربته التلفزيونية الأولى قال باسم قهار ل «الحياة» التي التقته أخيراً في القاهرة: «التلفزيون ليس وسيطاً جديداً بالنسبة إلي، فقد أديت العديد من الشخصيات التلفزيونية، منها التاريخي والدرامي، إلا أني هذه المرة أقدم نفسي لجمهور التلفزيون كمخرج وليس كممثل لأني أؤمن بأن الوسيط التلفزيوني أصبح أقرب إلى الناس من المسرح والسينما». وأشار إلى احتفاظ فن المسرح بقيمته العميقة ونخبويته في الوقت نفسه، وإلى ارتباط السينما بجمهور له خصائص اجتماعية واقتصادية وثقافية معينة «قد لا تتوافر لدى فئة كبيرة من الشعوب العربية، وبالتالي يؤدي التلفزيون الدور الترفيهي والإعلامي الأول وربما الأخطر في حياتهم». ويضيف قهار في خصوص «الباب الشرقي»، أنه قرر تقديم تجربة الشباب العراقي في التظاهر والتعبير عن النفس، كما أقرانه في دول المنطقة، غير أن تجربة العراقيين لها خصوصية تتمثل في إجماع العراقيين، ربما للمرة الأولى، على هدف واحد، نظراً إلى طبيعته الطائفية على حدّ قوله. ولفت إلى أنه لم يكن موجوداً في العراق أثناء تلك التظاهرات، وبالتالي اعتبر المسلسل فرصة للتواصل مع قضايا الوطن خصوصاً أن «غالبية فريق العمل تنتمي بالفعل إلى جيل الشباب الذي يعاني تهميش الكبار له، فضلاً عن ضياع الدولة بين فساد القائمين عليها وطائفيتهم». على صعيد الفرق بين الإخراج المسرحي والسينمائي والتلفزيوني، يقول صاحب مسرحية «الأيام المخمورة» لسعدالله ونوس، أن ثمة فروقات كبيرة بين أدوار المخرج في الحقول الفنية الثلاثة، من حيث إمكان الإبداع والانطلاق الفني والسيطرة على الحالة الدرامية. وأكد قهار أن أفق الإبداع بالنسبة إلى المخرج قد يبلغ قمّته خلال العمل في المسرح، تليه السينما. أما التلفزيون فتتقلص فيه المساحة الإبداعية للمخرج، لأسباب عدة، أبرزها ضغوط الإنتاج وضيق الوقت وضعف النصوص المقدمة والتعامل المرهق مع جموع «الكومبارس»، فضلاً عن تبسيط الرؤية الدرامية كي تناسب جمهور البيوت. من ناحية أخرى، قدّم باسم قهار على شاشة التلفزيون العديد من الأدوار المركبة، في مسلسلات «سقوط الخلافة» (2010) و»هدوء نسبي» (2009) و»خالد بن الوليد» (2007) و»نزار قباني» و»الظاهر بيبرس» (2005). وعن الفرق بين مهمتي المخرج والممثل، قال: «حين أقف أمام الكاميرا لا أهتم بشيء بسوى دوري، وأتعامل مع زملائي الممثلين ومخرج العمل كممثل فحسب، لكن حين أكون المخرج المسؤول عن العمل، فإني أهتم بالتفاصيل وأحاول نشر روح الفريق في موقع التصوير». وبالنسبة إلى الرصيد السينمائي لقهار، فإن أبرز إنتاجه كممثل يحضر في الفيلم الفرنسي «كارلوس» الذي يعرض لحياة الشخصية المثيرة للجدل التي يعنون اسمها العمل، ويقدم فيه دور ديبلوماسي عراقي. أما إنتاجه السينمائي الأغزر فيتمثل في إخراج أعمال وثائقية متنوعة، تناقش قضايا إنسانية واجتماعية وسياسية سائدة في العالم العربي، مثل أفلام «أحياء في المقابر» و»حشيش» و»سفير في مقهى» و»غرباء في لغة العرب». ويعلق قهار على تلك الأفلام قائلاً إن «السينما الوثائقية معادل موضوعي لحرية الإبداع، لا سيما الإخراج»، مشيراً إلى أنه يعتبر العمل في السينما الوثائقية نوعاً من الكفاح للارتقاء بالمجتمع وفضح الفساد، كما أنه يتعامل معها كوسيلة لاكتشاف الذات والآخر، مشدداً على أنها لم تتحرر بعد، عربياً، من مقص الرقيب أو حتى المنع من التصوير. يذكر أن آخر الأعمال المسرحية التي قدمها قهار كانت بعنوان «أناس الليل»، خلال مهرجان دمشق المسرحي العام الماضي، وهي مقتبسة عن رواية للمغربي الطاهر بن جلون، وكانت من بطولة رائفة أحمد وحسام سكاف وفيحاء أبوحامد.