ربما هذه أول ذكرى نشعر معها بأننا كنا في حاجة الى منبّه، كي نستعيد حدث 11 أيلول (سبتمبر) 2001. شيء ما أخذ يحجب ما كان يعتبر «الحدث الأعظم» الذي لا يحتاج الى تذكير. وبالفعل فقد شعرت كثير من المحطات التلفزيونية بأنها لن تحيي الذكرى إلا إن هي استرجعت الصور المهولة التي يظهر أننا بدأنا نتناساها، والتي كانت إلى حد الآن تتحاشى عرضها، أو لا تشعر بضرورة ذلك الإسترجاع. حتى وقت غير بعيد كنا نشعر بأن هذا الحدث ليس من تلك الوقائع التي تتوارى بمجرد أن تحدث وتغدو ماضياً تظهر نتائجه في المستقبل، وإنما هو من الأمور التي تحدث «على التراخي»، فتبدو دوماً كأنها لم تحدث بعد. كنا نشعر بأنّ أنماط الزمان التقليدية لن تفي برصد هذا التوقف الذي لا ينفك يدوم، هذا التوقف الذي جعل ما سُمّي «حرباً على الإرهاب» يبدو وكأنه يراوح مكانه، وجعل العمليات تبدو متكررة لا يكاد متتبعها يتبين مسافات مقطوعة، وانجازات محققة، وتطوراً ملحوظاً، وانتهاء عهد لبداية آخر. قد يقال إن موت زعيم «القاعدة» قد يكون السبب الأساس في إحساس البعض أن عهداً قد ولى، وأن 11 أيلول غدا من الماضي، وأن إحياءه بالتالي، محتاج إلى من يُذكّر، ومن يسترجع ويستعيد. لكن، مهما كانت أهمية مقتل زعيم القاعدة، فإننا لا ينبغي أن ننسى أن العمليات استمرت هنا وهناك، ليس على الوتيرة نفسها بطبيعة الحال، إلا أنها لم تكد تتوقف. وعلى أية حال ف «القاعدة» تنظيم، بله تنظيمات، وخلايا مسيقظة ونائمة. هزة أخرى ربما كانت أكثر أهمية، وربما هي التي أخذت تحجب ما سبقها، هي الأحداث التي عرفها كثير من البلدان العربية. لا يتعلق الأمر هنا بوزن أحداث، وإنما بإدراك المفعول الأساس للإنتفاضات العربية، لا من حيث خلخلة أنظمة كادت تعمر الربع قرن، والنصف قرن، وإنما من حيث إن تلك الإنتفاضات أبانت أن مسلكاً آخر غير العمليات الإرهابية من شأنه أن يُبدل أوضاعاً، ويفتح آفاقاً، ويغير أحوالاً، ويحقق أحلاماً في هذه الدنيا قبل الأخرى. * كاتب مغربي