أجمع محامون ومختصون قانونيون على أن ما طرأ على قيمة الديات يجب أن يلحق بتعويضات الشجاج والأرش سواء في قضايا الاعتداء على مادون النفس أو في حوادث المركبات أو في الأخطاء الطبية، منوهين في الوقت نفسه بأن التعديلات التي لحقت بالديات هي الأخرى غير مجزية. واعتبر المحامي أحمد المالكي التقديرات لأرش الجناية (وهو المال الواجب في الجناية على مادون النفس) قليلة جداًً ولا تغطي أضرار المطالبين بها. وأكد أن زيادة الدية تستوجب إعادة النظر مرة أخرى في زيادة تقديرات أرش الجناية لتوازي أيضاً زيادة الدية، معتبراًًً أن معيار تحديد الدية (الإبل) هو ذاته أحد معايير تقديرات الشجاج في المحاكم. ورأى المالكي أنه مادام ارتفعت أسعار الإبل وتم الأخذ بارتفاعها كمعيار جديد للدية الجديدة، أنه من اللازم على مقدري الشجاج في المحاكم الأخذ بهذه الزيادة إذ تضمن الأمر الملكي رقماً متوسطاً لقيمة الرأس من الإبل في السعودية، خصوصاًً أن هذه القيمة تم التوصل إليها من طريق دراسات وتوصيات من هيئة كبار العلماء والمحكمة العليا وتجار الإبل. بدوره، أكد أستاذ القانون في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور عمر الخولي أنه من المفترض عند ارتفاع قيمة الدية في حالات القتل العمد وشبه العمد والقتل الخطأ أن ينعكس ذلك على القيمة التقديرية للشجاج والجروح. وأضاف أنها نتيجة طبيعية لارتفاع الدية، إذ إن الجرح الذي كان يتم التعويض عنه في السابق بثلاثة آلاف ريال يجب أن يصبح الآن تعويضه سبعة أو ثمانية آلاف ريال وهكذا. وأبان الخولي أن أرش الجناية أو الأرش الواجب في ما دون النفس مثل إتلاف عضو من أعضاء الجسم أو تعطيل منفعته أو إصابة الشخص بجرح من الجروح بحاجة إلى قرار مستقل، وزاد: «طالما ارتفعت قيمة الدية تتبعها وجوباً تعويضات الأرش، إذ يجب تعديل المبالغ التي يحكم فيها»، ممثلاًً لذلك بأنه في حال كانت دية العين 50 ألفاً في السابق عندما كانت الدية 100 ألف فإنها الآن تتحول إلى 150 ألف ريال. وفي السياق، أعتبر المحامي أحمد السديري أن رفع الدية إلى 300 أو 400ألف ريال يعتبر قليلاً في جناية القتل، مشدداً على أنه يجب أن تكون تقديرية، إذ إنه لا يمكن تقدير دية الشاب ومساواتها بدية الشخص العجوز الهرم. وعن أرش الجنايات والشجاج، أوضح أنه يجب أن يكون التقدير طبقا للضرر وحسب كلفة العلاج، لا سيما أن كلفة العلاج أصبحت مرتفعة. من جانبه، نادى الباحث والمفكر الإسلامي الدكتور عبدالله فراج الشريف بإعادة النظر في التقديرات الموضوعة لأرش الجنايات والشجاج وفق أصول معينة، مبيناً أن الوضع الآن اختلف عما هو عليه في بداية الدولة الإسلامية الأولى التي كانت الأموال فيها هي الإبل، وأردف: «إن التقديرات الموضوعة حاليا لأرش الجنايات والشجاج تعتبر غير كافية في هذا العصر وهي بحاجة إلى التوقف عندها». وأكد أن الديات بحاجة إلى إعادة نظر من قبل المجامع الفقهية، حاثاً على وجوب أن تكون تقديرية بحسب الضرر، وأن تعاد بعد دراسة واجتهاد جماعي، مطالباً القضاء باللجوء إلى المدونات وألا يبقى الأمر لاجتهاد القاضي «كي نستطيع تحديد الأمور بدقة بحيث تكون هذه المدونات متداولة مابين القاضي والمحامي والجاني أو المتهم ليعرف كل شخص ما له وما عليه» .