أصدرت محكمة جنايات أنقرة أمس، حكماً بالسجن المؤبد بتهمة «قلب النظام الدستوري» على قائدي الانقلاب العسكري الدموي في تركيا عام 1980، واللذين ما زالا على قيد الحياة، وهما الجنرال السابق كنعان إيفرين (96 سنة) والرئيس السابق والقائد السابق لسلاح الجو تحسين شاهين كايا (89 سنة). ودوت قاعة المحكمة بالتصفيق لدى النطق بالحكم، وهتف الحاضرون: «ليست إلا بداية، الانقلابيون سيحاسبون أمام القضاء». وفي مرافعته الأخيرة، قال محامي الدفاع بولند أجار إن المحكمة غير متخصصة في محاكمة المتهمين، والدستور الذي وضعته السلطة التأسيسية والساري اليوم (اعتمدته السلطة العسكرية عام 1982 ولا يزال معمولاً به) هو وحده الذي يسمح بمحاكمتهما». وبسبب حالتهما الصحية لم يحضر الجنرالان الجلسة، لكنهما تابعا وقائعها عبر دائرة فيديو من غرفتيهما في المستشفى. ومن المقرر إعفاؤهما من تنفيذ العقوبة بسبب حالتهما الصحية وسنهما المتقدمة. وكان الاثنان أقرا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 مسؤوليتهما عن الانقلاب، من دون أي يبديا أي ندم، مؤكدين أنهما نفذاه بدافع حب الوطن. وقال إيفرين من سريره في المستشفى: «فعلنا ما كان يجب عمله حينها. وإذا اقتضى الأمر تكراره اليوم فلن أتردد في ذلك». وأطاح الجيش بثلاث حكومات منتخبة في أعوام 1960 و1971 و1980، باسم الدفاع عن المبادئ العلمانية للجمهورية التركية، التي أرساها مصطفى كمال أتاتورك، كما أبعد حكومة نجم الدين أربكان الإسلامية عام 1997. وإثر انقلاب 1980، أعدم 50 شخصاً واعتقال 600 ألف، فيما توفي عشرات في السجن بسبب التعذيب وفقد أثر كثيرين آخرين. على صعيد آخر، صرح مفوض شؤون التوسعة في الاتحاد الأوروبي ستيفان فولي، بأن تركيا يجب أن تعيد الثقة المفقودة بنظامها القضائي إذا أرادت الإبقاء على طموحها في الانضمام إلى الاتحاد، منتقداً التعجل في تبني قوانين جديدة والتطهير القضائي التي أعقب فضيحة فساد طاولت الحكومة نهاية العام الماضي. وقال بعد اجتماعات مع ممثلين عن منظمات المجتمع المدني ووزراء في أنقرة: «تعامل تركيا مع الفساد وإعادة تعيين مئات القضاة والمدعين والمحققين وإصدار قوانين جديدة دون استشارة الاتحاد الأوروبي، أبعدت البلاد عن المعايير الأوروبية، وزادت الشكوك في شأن التزام هذه المعايير والقيم». لكن فولي دافع عن المحكمة الدستورية التركية التي انتقدها رئيس الوزراء طيب أردوغان مرات، مشيداً بإلغائها الحظر الحكومي على مواقع التواصل الاجتماعي، والتعديلات التي أدخلتها على تشريع مثير للجدل عزز تحكم الحكومة بشؤون القضاء. وقال: «تصرفات المحكمة الدستورية ملائمة، والمطلوب حقاً الآن إعادة الثقة بالقضاء».