حذّر اتحاد النقابات العمالية والمهنية السويسرية من موجة بطالة عارمة ستنتشر في البلاد هذه السنة، نتيجة تداعيات أزمة المال والاقتصاد العالمية، التي انعكست سلباً على الصادرات السويسرية، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي في شكل بالغ. وأوضح رئيس اتحاد النقابات العمالية باول ريخشتاينر في حديث إلى «الحياة»، أن استطلاعاً للرأي أعدّته إحدى شركات التوظيف العالمية بين الشركات السويسرية، أكد أن «40 في المئة منها ستسرّح عمالها خلال الشهور ال 12 المقبلة، في ضوء تراجع طلبات التصنيع والمبيعات، 55 في المئة منها في قطاع الصناعة و32 في المئة في المجال التجاري، ما ينذر بحصيلة غير متوقعة من البطالة وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية السلبية». وأكد ريخشتاينر أن الحلول «موجودة بالفعل، وهي توصيات وبرامج كانت النقابات أعدتها منذ فترة، لكنها جُمّدت بسبب انتعاش الاقتصاد قبل الأزمة فتجاهلها صناع القرار». وأسف الى تراجع دور الدولة في دعم العمال مقارنة بما تقدمه دول الاتحاد الأوروبي لعمالها. وتنص الاقتراحات التي تصر النقابات على تطبيقها، على «ضرورة تقليص ساعات العمل بدلاً من الفصل الجماعي لضمان حصول العمال على رواتب بدلاً من إحالتهم على صناديق التقاعد، واستمرار احتكاك العامل بمهنته عوض نسيانها خلال فترة البطالة المملة». وطالبت بضرورة «تعديل قوانين العمل السويسرية لضمان حصول العمال على حقوقهم قبل تسريحهم، واستشارة النقابات في الخطوات التي ستقدم عليها الشركات في هذا الصدد، للتعاون في إنشاء برامج دعم اجتماعي للمتضررين قبل انفجار الأزمة». وسترفع النقابات اقتراحات خاصة تتعلق بتعديل قوانين العمل، إلى وزارتي الاقتصاد والعدل للنظر في كيفية حماية أفضل للعمال في ظل نظام اقتصادي يُعد الأكثر ليبرالية في أوروبا، يحافظ على مصالح الشركات قبل العمال، ويغض الطرف عن إجراءات الفصل الجماعي بأسلوب غير قانوني، بحسب النقابيين. وانتقد تحالف النقابات العمالية ما وصفه «تقاعس الحكومة السويسرية عن حماية العمال واتخاذ إجراءات عاجلة لدعم النمو الاقتصادي». واعتبر أن ما قدمته الحكومة إلى الآن «قليل جداً من كثير»، مشيراً إلى آلاف الوظائف التي أُلغيت في قطاع التعدين على سبيل المثال، وإلى معدل البطالة الذي سيرتفع إلى 6 في المئة في الشهور المقبلة». ورأى نائب رئيس التحالف رينزو امبروزيتي في تصريح إلى «الحياة»، أن «الشراكة الاجتماعية لحماية الطبقة العاملة معرضة لزلزال، ولا نبالغ في ذلك، خصوصاً أن أصحاب الشركات نسوا بالفعل مفهوم التضامن الاجتماعي وحماية عائلات العمال من خطر تداعيات البطالة». وأشارت مديرة برامج العمل في اتحاد النقابات دوريس بيانكي، إلى «خطورة استهداف النقابيين أولاً في عمليات تسريح العمال لقطع الصلة بين ممثلي النقابات في الشركات قبل المباشرة بتسريح واسعة النطاق». وأكدت أهمية دور الإعلام في التذكير بالمشاكل التي تنتظر مئات الآلاف من العاطلين من العمل. وحرصت على التذكير بقرار منظمة العمل الدولية لعام 2006، الذي اعتبر أن قوانين حماية العمال في سويسرا «غير مطابقة للمعايير الدولية، ولم تتحرّك الدولة لتعديلها على رغم ذلك». وأشار مراقبون استطلعت «الحياة» آراءهم إلى أن جماعات الضغط الموالية للمؤسسات المالية والاقتصادية الكبرى تتمتع بنفوذ واسع داخل البرلمان، وتعوق أي مؤشرات إلى مزيد من التضامن الاجتماعي مع الطبقة العاملة، وتنظر فقط إلى معايير الربح المالي السريع، ما جعل توجهات الحكومة تميل إلى مصلحة أصحاب الشركات والمؤسسات بغض النظر عن المشاكل التي يتعرض لها العمال وتداعياتها الاجتماعية.