كشف قانونيون عن «عدم المساواة بين الخصوم» يمارسه قضاة في بعض المحاكم، مشيرين إلى حالات «تحيّز» من جانب القاضي لمصلحة المدعي العام على حساب خصمه. وأشاروا إلى أن بعض القضاة يقومون بتحضير المدعين العامين في محاضر الجلسات على رغم غيابهم، وهو ما اعتبره القانونيون «مخالفة» لنظام «المرافعات الشرعية»، الذي يوجب المساواة بين الخصوم. ولم يفرّق بين المدعي العام والخاص، بيد أن عضو المجلس الأعلى للقضاء الشيخ محمد أمين مرداد، عدّ ما يقوم به القاضي «التزاماً بنظام الإجراءات الجزائية»، مؤكداً أنه «لا مخالفة عليه». وأبلغ القانونيون «الحياة» أن بعض القضاة يتولون دور المدعي العام في الجلسات التي لا يحضرونها. كما يقوم بعض القضاة في حال الغياب بالإجابة بدلاً عنه، أو الرد على الأسئلة التي يوجهها القاضي نفسه إلى المدعي العام. وهو ما اعتبره القانونيون «تحيزاً» لصالح المدعي العام ضد خصمه (المُدعى العام)، و»تداخلاً» في السلطات القضائية. وقال الأمين العام لجمعية حقوق الإنسان خالد الفاخري، في تصريح إلى «الحياة»: إن عدم المساواة بين الخصوم إذا كان أحد الأطراف مدعياً عاماً يتناقض مع الحقوق المتساوية التي كفلها نظام المرافعات الشرعية، الذي نظّم آلية رفع الدعوى، وتحديد الجلسات والمساواة بين الخصوم فيها، والتي لم يرد فيها أي استثناء للمدعي العام». وذكر الفاخري أن «الحقوق المتساوية تكفل لكلا الخصمين تقديم الدفوع وطلب التأجيل. واشترط حضور الخصمين في الجلسات المحددة من المحكمة، وإلا يجب تطبيق قاعدة «من ترك دعواه تُرك»، وهي التي تعني بأنه إذا لم يحضر مقدّم الدعوى، ولم يتقدم باعتذار للمحكمة يوجب التأجيل فإن دعواه تسقط». كما أكد المستشار القانوني محمد الوهيبي، «إلزامية حضور مقدم الدعوى، سواءً أكان مدعياً عاماً أم خاصاً»، مستدركاً بالقول: «إن القضاة لا يلتزمون بتطبيق النظام في كثير من الأحيان رغبة منهم في تيسير الأمور علي المراجعين، ولكون ممثلو الادعاء العام في المحاكم قلة، وهناك حالات تغيب بسبب الحصول علي إجازة من دون إخطار المكتب القضائي، ما يتسبب في إطالة أمد التقاضي». وقال الوهيبي، في تصريح إلى «الحياة»: «إنه على رغم محاولة القضاة عدم تعطيل النظر في الدعوى لعدم حضور المدعي العام، إلا أن بعض القضايا تستلزم البينة من المدعي العام أو حضور الشهود (الفرقة القابضة) لسماع شهادتهم. ويستغرق الأمر جلسات عدة، كونه لا توجد ضوابط أو عقوبات لمن يقوم بالتقصير أو الإهمال أو المماطلة». وأشار المحامي المستشار القانوني عبدالعزيز الزامل، إلى المادة ال156 من نظام الإجراءات الجزائية، التي «أوجبت أن يحضر المدعي العام جلسات المحكمة في الحق العام، وذلك في الجرائم التي تحددها لوائح هذا النظام، وعلى المحكمة سماع أقواله والفصل فيها، وهو ما يعني أن حضور المدعي العام في الجرائم الصغيرة جوازي. أما في الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف المنصوص عليها في قرار وزير الداخلية 2000 فهو وجوبي». وأكد أن «المدعي العام يحضر بوصفه الوظيفي وليس بصفته الشخصية، إذ إنه هو من يحمي حقوق المجتمع. وأما عدم وجوب حضوره في الجرائم الصغيرة فهو بموجب النظام وذلك لقلة عدد الأعضاء». وذكر الزامل أن «عدم حضور المدعي العام جعل القاضي يتولى أعماله، لناحية مناقشة المدعى عليه. كما أن الشريعة الإسلامية وضعت قواعد وشروط لنظر الدعوى لناحية المساواة بين طرفيها». وطالب ب «تكثيف عدد أعضاء الادعاء العام، إذ يكون لكل مكتب قضائي شخص متخصص للمرافعة والمدافعة، وذلك لتحقيق أمرين: الحياد وسرعة الإنجاز». وفي المقابل، أكد عضو المجلس الأعلى للقضاء الشيخ محمد أمين مرداد، أن «نظام الإجراءات الجزائية نظّم القضايا التي يكون أحد أطرافها مدعياً عاماً، وأجاز للقاضي عقد الجلسة من دون حضوره في القضايا الصغيرة، ويلزم للمدعي العام توقيع محاضر الجلسات فقط». وقال مرداد، في تصريح إلى «الحياة»: «إن سبب هذا الأمر قلة عدد ممثلي الادعاء العام، وكون الممثل الواحد يُطلب منه الحضور لدى أكثر من قاضٍ، ما يجعل الأمر مستحيلاً، لذلك كفل النظام له عدم الحضور في الجلسات البسيطة، وألزمه بالحضور في القضايا الكبيرة التي يطالب فيها بتطبيق الحدود، وكذلك القضايا التي يأمر القاضي فيها بإحضار الشهود أو البينة، وذلك لعدم تعطيل قضايا المتهمين».