واشنطن - «نشرة واشنطن» - بدأ في آب (أغسطس) 2010، نشر تحذيرات من خطر غياب الأمن الغذائي في القرن الأفريقي، صادرة عن منظمة تلبي ما هو متوقع من اسمها: «شبكة نظام الإنذار المبكر بالجوع» المعروفة بالاسم المختصر «فيوز نت». وكانت التحذيرات المسبقة تشير إلى إمكان حدوث كارثة: إذ أعلنت في آذار (مارس) أن «التوقعات المستقبلية سيئة، ومن المحتمل أن تزداد الأزمة سوءاً». وفي أيار (مايو)، أشارت إلى أن «غياب الأمطار لفترات طويلة يُعمق حالة انعدام الأمن الغذائي»، وفي تموز (يوليو) إلى «المجاعة في جنوب الصومال». وقال مدير برنامج نظام «فيوز نت»، جون شيشتانو من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية: «لاحظنا عدم هطول الأمطار أولاً خلال الموسم الممتد من تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر)، ولم تهطل مرة أخرى خلال الموسم الممتد من نيسان (أبريل) إلى حزيران (يونيو)». وأوضحت وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة هيلاري كلينتون، أن «الحكومة الأميركية ومانحين آخرين أحيطوا علماً بالتحذيرات التي نشرها نظام «فيوز نت»، وبدأوا يستعدون لمواجهة حال غياب الأمن الغذائي في شرق أفريقيا. ثم تفاقم سوء الوضع في تموز وتحول من حالة انعدام الأمن الغذائي إلى مجاعة في مناطق عدة من الصومال». وقالت كلينتون: «عملت حكومة الولاياتالمتحدة مع شركائنا خلال السنة الماضية لتخزين المواد الغذائية سلفاً في المنطقة، ولزيادة التمويل المقدم لأنظمة الإنذار المبكر بالجوع، ولتقوية المساعدات غير الغذائية في قطاعات الطعام، والصحة، والماء، والصرف الصحي». وعلى رغم ذلك، أدت أسوأ حالة جفاف عرفتها المنطقة منذ 60 سنة إلى انتشار المجاعة. وبلغ الوضع الإنساني مستويات كارثية. وأثرت حالة انعدام الأمن الغذائي في ما يزيد على 12 مليون شخص في المنطقة. وأوضح شيشتانو في مقابلة صحافية، أن المجاعة حتى الآن محصورة بجنوب الصومال حيث يعيش حوالى 3 ملايين شخص في المناطق المتأثرة بالجفاف. وأضاف: «حققنا أكبر نسبة من النجاح في تخفيف آثار الجفاف في إثيوبيا وكينيا». ويوجه مسؤولون حكوميون أميركيون اللوم إلى حركة الشباب المسلحة لمنعها وصول المساعدات الغذائية إلى حيث الحاجة ماسة إليها، وبذلك تسمح لحالات النقص في الأغذية بأن تتزايد لتتحول إلى مجاعة في المنطقة التي تسيطر عليها الحركة في الصومال. وذكر شيشتانو أن نظام «فيوز نت» يقدم أيضاً بيانات تدعم جهود الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من أجل تأسيس قدرة أكبر على التحمّل ضد المجاعة على المدى الطويل. ففي منطقة يشكِّل فيها رعي الماشية جزءاً مهماً من القطاع الزراعي، فإن برامج المساعدات وُضعت في المواقع السليمة لإعطاء رعاة المواشي قدرة أكبر على تغذية حيواناتهم خلال فترة الجفاف. وأنشئ نظام «فيوز نت» بعد المجاعة الكارثية التي ضربت في أوائل ثمانينات القرن العشرين، القارة الأفريقية بدءاً من غرب أفريقيا وصولاً إلى إثيوبيا. ويرصد النظام نحو 30 بلداً معرضاً للمجاعة حول العالم ويجمع كميات هائلة من البيانات من مصادر متنوعة من أجل التقويم المتواصل لمستويات الأمن الغذائي. وتُوفر تحذيرات «فيوز نت» للحكومات، والوكالات الدولية، والدول المانحة، المعلومات التي تحتاج إليها للقيام بالاستعدادات اللازمة لإنقاذ الأرواح. وأكد شيشتانو أن شبكة نظام «فيوز نت» تجمع المعلومات في الوقت الحقيقي حول الطقس، والمحاصيل، والمواشي لتعقب مسار الأمن الغذائي. ووصف صور الأقمار الاصطناعية التي تجمعها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، بأنها تظهر للمحللين معلومات حول المحاصيل أكثر مما يعرفه المزارعون. وأضاف: «أنها تُظهر لنا خلال منتصف موسم المحاصيل، كيف تنمو هذه المحاصيل وتتطور؟ وهل نتوقع سنة زراعية طبيعية؟ وهل نتطلع إلى سنة لم تهطل فيها الأمطار أبداً، أو هل ستكون سنة ممتازة أو متوسطة الجودة؟» ويدرس المحللون أيضاً أوضاع الناس والأسر: ماذا يأكلون، أين يزرعون ما يأكلون، كيف يشترونه، وما قد يحصل في حال انقطعت الإمدادات. إن فهم الكمية الكبيرة من المعلومات التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي أو انعدامه ساعد في تخفيف تكلفة الجوع المنتشر، أكان ناجماً عن موسم زراعي فاشل أم عن كارثة طبيعية كالزلزال الذي ضرب هايتي عام 2010. فعلى رغم الدمار الواسع وأعداد المشردين الكبيرة هناك، لم تحصل مجاعة خلال تلك الكارثة لأن الاستجابة الإنسانية الموجهة ساعدت، استناداً إلى تحليلات نظام «فيوز نت»، في تلبية الحاجات الطارئة في تلك الدولة الكاريبية.