أعلن الرئيس محمود عباس أمس أن الخيار الفلسطيني بعد اللجوء الى الأممالمتحدة في أيلول (سبتمبر) المقبل هو «المفاوضات، ولا شيء آخر غير المفاوضات»، نافياً بذلك بعض التكهنات بأن الفلسطينيين يعدّون لخيارات أخرى بديلة مثل انتفاضة شعبية. لكنه أكد أن العودة الى المفاوضات تتطلب تحقيق أمرين: الأول قبول إسرائيل التفاوض على أساس حدود عام 1967 ووقف الاستيطان. وكان عباس يتحدث أمام خطباء مساجد الضفة الغربية في مؤتمر عقدوه في مدينة رام الله، وقال إن الفلسطينيين قد يتعرضون الى حصار مالي في حال الذهاب الى الأممالمتحدة، لكنهم مصمّمون على ذلك بسبب عدم وجود خيار آخر. وأضاف: «قد نتعرض الى حصار مالي، ونحن ليست لدينا نية أن نجوع، لكن ما هو الحل؟». وتابع: «لا نقبل أن يأتي إلينا أحد ويقول خذوا شوية (كمية) فلوس في مقابل أن تتنازلوا عن مطالبكم». وقال بلغة حازمة: «هذا لن يحدث أبداً». وكان رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الدكتور صائب عريقات أعلن في وقت سابق أن القنصل الأميركي العام في القدس دانيال روبنشتاين أبلغه في اتصال هاتفي أول من أمس أن الإدارة الأميركية ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن، وأن الكونغرس يعد لوقف المساعدات المالية المقدمة للسلطة في حال إصرارها على اللجوء الى هذا الخيار. وتعاني السلطة الفلسطينية من عجز مالي كبير تركها غير قادرة على دفع رواتب موظفيها بصورة منتظمة، وهي تعد لخطة تقشفية تهدف الى تقليص مصروفاتها بدرجة تزيد على الثلث. وقال عباس إن الفلسطينيين يخضعون عملياً الى حصار مالي اليوم قبل اللجوء الى الأممالمتحدة، مشيراً الى أن عدداً من الدول أوقف منذ زمن مساعداته للسلطة. وطالب دول العالم بالاعتراف بدولة فلسطين، مشيراً الى أن ثمة دولاً لا يتجاوز عدد سكانها آلافاً عدة حصلت على عضوية الأممالمتحدة. وتساءل: «هل تعرفون شعباً آخر ما زال تحت الاحتلال غير شعبنا». وأضاف: «هناك دول يبلغ عدد سكانها عشرة آلاف أو عشرين ألفاً أو خمسة آلاف ولديها علم في الأممالمتحدة وتصدر جوازات سفر، أما نحن الذين يبلغ عددنا ثمانية ملايين نسمة، فلا». وقال إن عدداً من الدول يرفض الاعتراف بدولة فلسطين خشية تعرضه الى عقوبات، مشيراً في ذلك الى تهديدات أميركية وإسرائيلية لعدد من الدول. وأكد عباس أن المفاوضات هي الخيار الأول والاستراتيجي للفلسطينيين، لكن يجب توافر أساس مقبول لتلك المفاوضات، مشيراً الى تجربة الفلسطينيين في مفاوضات طويلة استخدمتها إسرائيل غطاء لمواصلة مشروعها الاستيطاني في الأرض الفلسطينية. وأضاف أنه لم يتلق أي عرض مناسب من أميركا والغرب ليوقف مشروع التوجه الى الأممالمتحدة. وطمأن عباس الجانبين الإسرائيلي والأميركي بأن الخطوة الفلسطينية في المنظمة الدولية لا تهدف الى عزل إسرائيل أو مواجهة الولاياتالمتحدة، إنما «تحقيق حلمنا بالحصول على الاعتراف الرسمي بدولتنا الفلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة عام 1967، والحصول على دولة كاملة العضوية في الأممالمتحدة». وأضاف: «بذلك نؤسس لوضع يسود فيه السلام والعدل والتعايش بديلاً عن القهر والظلم والعدوان، ونضع نهاية لهذا الصراع والاحتلال الذي هو الأطول في التاريخ الحديث». وقال: «إن شعبنا الذي عانى ولا يزال يعاني من سياسات الاحتلال الغاشمة، من استيطان مستمر جعل من الأرض الفلسطينية كانتونات منفصلة عن بعضها البعض تدمر أي حلم بوجود دولة متواصلة الأطراف، يريد دولة مستقلة على كامل أراضينا المحتلة منذ عام 1967 كغيرنا من شعوب العالم، إن هذا الحق هو ما يدفعنا إلى التوجه الأخير إلى الأممالمتحدة بعد أن وصلنا إلى طريق مسدود في المفاوضات الثنائية التي حوّلها الجانب الإسرائيلي إلى مفاوضات عبثية تجعلنا نراوح مكاننا سياسياً، فيما تزداد وتيرة تهويد القدس والاستيطان في شكل غير مسبوق». وفي شأن المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، قال عباس: «إن المصالحة تقف على رأس أولوياتنا، فإضافة الى كونها مصلحة فلسطينية داخلية تعيد اللحمة للنسيج الوطني على المستويين السياسي والنفسي، فإنها تجعلنا أكثر قوة، ونحن نقف أمام العالم نطالب بحقنا في إقامة دولتنا، وإن ذهابنا باتجاه خيار أيلول في ظل مصالحة فلسطينية داخلية يجعل موقفنا أكثر تماسكاً وأشد ترابطاً، مما يجعل منها ضرورة لا غنى عنها». وقال إن العلاقة بين حركتي «فتح» و «حماس» شهدت تقدماً مهماً على رغم عدم تطبيق اتفاق المصالحة. وقال: «مستعدون ان نستمع لأي اقتراح مقبول يتيح لنا الفرصة من اجل ان نصل الى حقنا ولا نذهب الى اي مكان (الاممالمتحدة). اما المفاوضات فمقفلة ولا نذهب الى الاممالمتحدة او اننا (الولاياتالمتحدة) سنستخدم الفيتو هذا... كلام لا يمكن ان نقبل او نتحمل اكثر مما تحملناه». وأضاف: «نقول للغرب والاميركيين والاسرائيليين هاتوا ما عندكم. الى هذه اللحظة لم يقدم لنا العالم شيئاً جديداً على الاطلاق وإنما المفاوضات». وتابع: «مع ذلك الآن يتحدثون عن لقاء للجنة الرباعية... لا مانع، نحن مستعدون، قدموا لنا شيئاً معقولاً، لا تقدموا لنا الدولة اليهودية... لن نقبل بها او تقولوا ان هناك الكتل الاستيطانية امر واقع، او حل مشكلة اللاجئين في الدولة الفلسطينية. لن نقبل هذا الكلام، لا تستطيع اللجنة الرباعية ان تفرض علينا شكل الدولة او ان نعترف بطبيعة الدولة الاسرائيلية، هذا ليس شأننا».