تجددت أمس الاتهامات بين دولتي السودان وجنوب السودان في شأن تصاعد العنف في الجنوب وحرب عملة في الشمال، فيما أعلن الجيش السوداني سيطرته الكاملة على الشريط الحدودي المحاذي لليبيا تحسباً للأحداث الجارية هناك. وزار مدير جهاز الأمن الفريق محمد عطا بنغازي ناقلاً رسالة من الرئيس عمر البشير إلى رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل. وطالبت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» الحاكمة في دولة جنوب السودان الوليدة، البرلمان بتشكيل لجان للتحقيق في أوضاع المواطنين في المناطق الحدودية مع السودان. واتهمت الخرطوم بدعم هجوم شنه مسلحون عليها أدى إلى مقتل 72 شخصاً الأسبوع الماضي. وقال الناطق باسم الحركة يان ماثيو في مؤتمر صحافي في جوبا أمس، إن السودان «يختلق مشاكل في المناطق الحدودية بهدف خلق رأي عام بفشل الدولة الوليدة في الجنوب في إدارة شؤونها». وأقر ماثيو بأن الأوضاع الإنسانية في جنوب السودان متردية، لكنه عزا الأمر إلى الصعوبات الأمنية وارتفاع أسعار المواد التموينية. واتهمت دولة جنوب السودان، الخرطوم بدعم هجوم شنه مسلحون عليها أدى إلى مقتل 72 شخصاً الأسبوع الماضي، وقال جيش جنوب السودان إن نحو 800 مقاتل هاجموا ولاية أعالي النيل وقتلوا عدداً من الأشخاص. ويعاني جنوب السودان من قتال قبلي ومواجهات عسكرية بين «الجيش الشعبي» ومنشقين، ما أسفر عن مقتل أكثر من 2360 شخصاً، بحسب تقديرات الأممالمتحدة. في المقابل، اتهمت الخرطوم حكومة الجنوب بتهريب العملة السودانية من الجنوب إلى الشمال لاستبدالها بالعملة الجديدة وشراء نقد أجنبي لرفع سعر صرف الدولار في مقابل الجنيه السوداني، واعتبرت ذلك تخريباً لاقتصادها. وأعلنت أجهزة الأمن ضبط مبالغ كبيرة من الجنيه السوداني «جاءت من الجنوب عبر إريتريا». وقالت إن المهربين كانوا تحت مراقبتها «منذ تحركهم من جنوب السودان». ويحاول مغامرون تهريب العملة القديمة من جنوب السودان إلى الشمال لاستبدالها بالعملة الجديدة. يُذكر أن التعامل بالعملة القديمة في شمال السودان توقف أمس، وسيكون الأول من أيلول (سبتمبر) آخر موعد لاستبدالها في بنك السودان المركزي. ويوجد في الجنوب 15 في المئة من الكتلة النقدية، ورفضت حكومة الجنوب تسليمها إلى الخرطوم إلا في حال استبدالها بالدولار، ما رفضته الأخيرة وقررت استبدال الجنيه بنسخة جديدة منه. من جهة أخرى، قال الناطق باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد إن الجيش سيطر علي حدود السودان مع ليبيا، مشيراً إلى أنه لا توجد ضرورة لحشود عسكرية لتأمين الحدود. وأضاف أن «القوات السودانية تراقب الموقف هناك وتبسط سيطرتها وتقوم بأعمالها الروتينية في حماية الحدود رغم الاضطرابات التي تشهدها ليبيا حالياً». وكانت السلطات السودانية أقرت تدابير أمنية، تحسباً لأي تفلتات أو استغلال من قبل الحركات المسلحة في دارفور الوضع في ليبيا والقيام بأعمال عدائية في المنطقة الحدودية بين السودان وليبيا. وتتوقع الاستخبارات السودانية أن يحاول زعيم «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور خليل إبراهيم الموجود حالياً في ليبيا العودة إلى دارفور بعد انهيار نظام معمر القذافي وتولي المعارضة مقاليد الحكم في البلاد. إلا أن «العدل والمساواة» ناشدت الثوار الليبيين والمجتمع الدولي توفير حماية لقائدها الذي يقيم في طرابلس منذ أيار (مايو) 2010 بعد أن منعته تشاد من دخول أراضيها وأعادته إلى طرابلس على نفس طائرة الخطوط الجوية الليبية التي أقلته. وأنهى مدير عام جهاز الأمن والمخابرات السوداني أمس زيارة خاطفة إلى ليبيا أجرى خلالها محادثات مع قيادات في «المجلس الوطني الانتقالي» برئاسة مصطفى عبدالجليل في بنغازي، ونقل رسالة من الرئيس عمر البشير إلى عبدالجليل يهنئه فيها ب «نجاح الثورة الليبية»، وتدارسا الأوضاع الأمنية على حدود الدولتين.