لم تعقّب إسرائيل رسمياً على إعلان «لجان المقاومة الشعبية» في قطاع غزة أمس وقف إطلاق القذائف الصاروخية على بلداتها في الجنوب، بحجة أنها لم تفاوض هذه اللجان أو حركة «حماس». ونقلت الإذاعة العبرية العامة عن مصدر سياسي رفيع ان «إسرائيل ستختبر في الأيام القريبة المقبلة مدى التزام الفلسطينيين لوقف النار، وإذا توقف فعلاً فإنها لن تبادر إلى أي عمل عسكري، أما إذا لم يحترموا التزاماتهم، فإن الرد سيكون قاسياً». وأعلن رؤساء البلدات الاسرائيلية الجنوبية أن الحياة تعود إلى مجراها الطبيعي، لكنهم أعربوا عن غضبهم لكون «الجيش أوقف عملياته ضد القطاع بناءً على سلوك حماس». وقال رئيس بلدة سديروت للإذاعة العامة إنه «ممنوع على حكومة إسرائيل أن تكون قراراتها متعلقة برغبة حماس في وقف النار من عدمها». وقال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في جولة له على البلدات الجنوبية إن الوضع في قطاع غزة ليس سهلاً، «وعلينا أن ندرس كل الخيارات»، مضيفاً أن الرد الإسرائيلي على أي قصف من القطاع «يجب أن يكون منضبطاً وليس قاسياً جداً». وأضاف: «نحن لم نبدأ إطلاق النار، من يريد وقف النار عليه أن يقوم بذلك، نحن لم نبدأ التصعيد». وزاد أن «إسرائيل لا تريد الحرب... نحن دولة راغبة بالسلام، لا نريد حروباً وسفك دماء، لا نريد رؤية قتلى، لا في رام الله ولا في اسدود أو القاهرة أو تل أبيب... ليست لدينا مطالب من دول عربية ولا أفهم لماذا لدى دول عربية مطالب منا»، معتبراً أن تحقيق السلام يتم من خلال خيار الغالبية «بينما الإرهاب تقوم به مجموعة صغيرة ونحن لا نريد أن تصبح الغالبية ضحية الإرهاب». وكان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو عقد جلسة طارئة للحكومة الأمنية المصغرة استمرت حتى فجر أمس قرر فيها تبني موقف وزير الدفاع ايهود باراك بوجوب اختبار حقيقة نيات «حماس» لوقف النار على أرض الواقع وأنه «بناء على التطورات تتقرر العمليات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي». وكان باراك تلقى تأكيدات من كبار المسؤولين المصريين أن «حماس» معنية فعلاً بوقف النار. وقال مصدر أمني إن إسرائيل ليست معنية بالتصعيد، لكن شرط التيقن من أن قصف البلدات الإسرائيلية توقف تماماً. وأضاف أن إسرائيل نقلت هذا الموقف لمصر. وكتب المعلق السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر ان إسرائيل قررت ان تأخذ في اعتباراتها «المشكلات الداخلية التي يواجهها النظام العسكري في مصر» وتتبع الحذر إلى ما بعد الانتخابات هناك، و «تفادي إطلاق تصريحات عنترية تكون بمثابة وقود يشعل الشارع المصري المحرَّض ضد إسرائيل». إلى ذلك، يؤيد عدد من كبار الضباط الإسرائيليين أن تقوم إسرائيل ومصر بتعديل الملحق الأمني لاتفاق السلام مع مصر على نحو يتيح للجيش المصري زيادة ملموسة في عدد عناصره المسموح به في شبه جزيرة سيناء وفق الاتفاق، لتمكينه من سيطرة أفضل على ما يدور فيها. وقرر وزير الدفاع أن يتزود الجيش الإسرائيلي بمنظومتين جديدتين من «القبة الفولاذية» لاعتراض القذائف الصاروخية القصيرة المدى لنشرهما في الجنوب: واحدة خلال الأسابيع المقبلة والثانية مطلع السنة المقبلة. وأعلن الجيش أن المنظومة الجديدة نجحت في اعتراض 80 في المئة من الصواريخ التي أطلقت من القطاع على إسرائيل. وتناولت وسائل الإعلام العبرية الجهود التي بذلتها إسرائيل أميركا وجهات دولية أخرى لتهدئة الأمور على جبهة العلاقات الإسرائيلية - المصرية، ليس آخرها ايفاد رئيس قسم التخطيط في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أمير ايشل إلى القاهرة، ب «لباس مدني» على رأس وفد أمني في زيارة وصفتها مصادر أمنية ب «الحساسة والمهمة للغاية». وقالت إن ايشل «عرض على المصريين نتائج التحقيق الأولي الذي قام به الجيش الإسرائيلي حول الحادثة التي اودت بحياة الجنود المصريين قرب الحدود»، وأبلغهم استعداد إسرائيل لمواصلة التحقيق المشترك معهم لتقصي كل الحقائق. ووصف مسؤول إسرائيلي هذه الزيارة بأنها دليل على استقرار العلاقات بين البلدين، مضيفاً أن السلام مع مصر «هو بمثابة منارة في الظلمة». وأفادت صحيفة «معاريف» بأن السفير المصري لدى تل أبيب ياسر رضا حزم أمتعته ظهر السبت واستعد للمغادرة إلى القاهرة، بناء لقرار رئيس الحكومة المصرية عصام شرف. لكن تدخلاً سريعاً من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسن طنطاوي اضطر شرف، «الذي وبّخه طنطاوي على قراره بشدة»، إلى إلغاء قراره وبقاء السفير في تل أبيب. وأضافت الصحيفة أن إسرائيل هددت بأن ترد على استدعاء السفير المصري بسحب سفيرها من القاهرة، «عندها أيقن المصريون أن أزمة عنيفة ستنشب في العلاقات بين البلدين وقد تتطور إلى أزمة بالغة التعقيد، وستتدهور العلاقات، وهذا ما لا تريده مصر ولا إسرائيل».