أطفال بزيّ خليجي يحملون أكياساً مصنوعة من القماش يطوفون بها في كرنفال شعبي يطلق عليه أهالي البصرة تسمية «القرقعان»، وهو يشابه إلى حد كبير لعبة «الماجينة» السائدة في مدن وسط العراق وجنوبه. لعبة «القرقعان» من الألعاب المعروفة في البصرة في رمضان، يمارسها الأطفال في شوارع المدينة منتصف الشهر بعد الإفطار، لجمع الهدايا والغنائم من أنواع مختلفة من الحلوى، وهم يرددون في أثناء سيرهم «قرقيعان وقرقيعان... بين شعبان ورمضان». وتقول أم حسين (49 سنة) إن الملابس التقليدية التي يرتديها الأطفال خلال اللعب، والكيس الذي يحملونه، هي أهم ما يميز هذا الكرنفال الطفولي. فالكيس مصنوع من القماش البسيط ومزود بخيط ليتمكن الأطفال من تعليقه في رقابهم أثناء التجوال بين المنازل، تخيطه لهم الأمهات ويرسلنهم في الأحياء والأزقة الشعبية ليلهوا ويفرحوا بما يجمعونه. تتذكر أم حسين أيام صباها، حينما كانت تشارك بقية الأطفال في لعبة «القرقعان» قائلة: «في أيامنا، لم تكن الحلوى متنوعة كما هي اليوم، أطفال هذه الأيام محظوظون أكثر منا بكثير». ويقول الباحث في التراث الشعبي البصري، الدكتور طارق العذاري، إن اللعبة مكتسبة في البصرة من بعض دول الخليج، بدليل أنها غير معروفة في بقية المدن العراقية. ويشرح العذاري أن أصل كلمة «قرقيعان» مشتق من عادات وتقاليد سكّان الخليج، وتعني «الشيء المخلوط المتعدد الأصناف». ويشير المؤرخون إلى أن جذور هذا الطقس الاجتماعي تعود إلى ما قبل ظهور الإسلام، ومنهم من يؤرخ بدايته في السنة الثالثة للهجرة. لكن الرأي الأقرب إلى الصواب هو أن اللعبة بدأت تنتشر في البصرة وعدد من بلدا الخليج في زمن الدولة العثمانية. الشهرة التي تتمتع بها لعبة «القرقيعان» دفعت بعض المؤسسات الخيرية إلى رعايتها في شكل منظم على امتداد السنوات الماضية، من خلال إقامة كرنفال شعبي للأطفال، توزّع خلاله الحلوى، وتقام المسابقات التي يتنافسون فيها في ما بينهم، بل إن بعض المؤسسات من خارج العراق تشارك في دعم تلك الاحتفاليات. و «القرقيعان» لعبة يمارسها الأطفال في البصرة والكويت وشرق المملكة العربية السعودية. ولكرنفال «القرقيعان» تسميات كثيرة في بلدان عربية أخرى، منها «قرقاعون» في البحرين، و «قرقنقعوه» في قطر، و «القرنقشوه» في عمان، و «وحوي يا وحوي» في مصر. وهي تقليد سنوي ومناسبة تراثية يحتفل بها الأطفال كل سنة، ويتذكرها الكبار بفرح وحنين لأيام الماضي الجميل.