في مبادرة فنية هي الأولى من نوعها، تضطلع أوركسترا عربية جزائرية في مونتريال بمحاولة جادة لإحياء التراث الموسيقي الأندلسي وترويجه في أوساط الكنديين. بدأت الفرقة التي أسسها سالم دعا بوزيدي، وهو كندي - جزائري وأحد الضالعين في الموسيقى التقليدية والحديثة، نشاطها عام 2008 على مستوى متواضع، وضمّت مجموعة صغيرة من المغنين ومتذوقي الموسيقى الأندلسية التي يعود تاريخها إلى إسبانيا قبل أكثر من أربعة قرون. وخلال ثلاث سنوات من النشاط المكثف، استطاعت الأوركسترا الجزائرية، المعروفة باسم «جمعية أصدقاء الموسيقى الأندلسية في مونتريال» تحقيق وثبة فنية واسعة، تمثلت بزيادة عدد أعضائها إلى 23 عازفاً ومغنياً محترفاً، وتكوين فريق من المتطوعين الكنديين والعرب، والمشاركة في الكثير من الحفلات الترفيهية والأمسيات الفنية والثقافية وبعض المهرجانات الكندية والعالمية كمهرجان «أفريقيا الشمالية» و «ليالي أفريقيا». أما الإنجاز الأهم، فتمثل في افتتاح مدرسة في مونتريال لتعليم أصول الموسيقى الأندلسية وقواعدها النظرية وتقنياتها العملية، كالتكيّف مع مختلف الطبقات الصوتية والإيقاعات السريعة والبطيئة والمرونة في الأداء. علاوة على تدريب عدد كبير من الهواة على عزف الآلات الموسيقية التقليدية كالربابة والعود والقانون والكمان والطبلة، وتطوير المراحل الموسيقية الغنائية الكلاسيكية الخمس المعروفة باسم «النوبة» (ونقلها زرياب من العراق إلى الديار الأندلسية) وكانت تعزف وتغنّى للربيع والطبيعة والحب العذري والشمس والفجر والحدائق الغنّاء، وتحويلها إلى نظام موسيقي غنائي متكامل يبقي الأصالة ويلبي رغبات الجيل الناشئ من الشباب الذي تستهويه الآلات الحديثة والألحان السريعة الراقصة والأغنيات العاطفية الخفيفة.