دبي - رويترز - يجلس مئات العمال الآسيويين صامتين على الأرض، أمام مسجد فاطمة حسن في دبي قبيل الإفطار، وأمامهم أطباق مليئة بالفاكهة والوجبات، في ظل رطوبة قاسية. وفي مكان مجاور يحضر متطوعون يتصببون عرقاً ويغرفون على عجل الخضار المطهوة والأطباق التي تعتمد على ارز أساساً، من أوان معدنية كبيرة تأهباً للحظة آذان المغرب. يقع المسجد وسط دبي على بعد أمتار فقط من خور دبي، الذي تمثل منطقته المركز التجاري الأصلي للإمارات عندما كانت دبي لا تزال مركزاً صغيراً للتجارة والصيد، ويقدم وجبة إفطار مجانية للفقراء يومياً خلال الشهر، على مائدة تكفي 1800 عامل. لربما ظلّت صناديق القمامة لمسجد فاطمة حسن خاوية، لكن بحلول رمضان تحدث زيادة هائلة في مخلفات الطعام في أنحاء المدينة والخليج، من بقايا المآدب الفاخرة التي يحضرها الأثرياء في منطقة يعني فيها ارتفاع حرارة الصيف فساد الطعام سريعاً. وتضم دبي أطول برج في العالم، وجزراً اصطناعية في شكل نخيل يمكن رؤيتها من الفضاء، وعدداً من الفنادق الفاخرة منها فندق «برج العرب» الذي يتخذ شكل شراع... والكثير منها يعد وجبات إفطار لمن في إمكانه تحمّل كلفتها، والتي قد تبلغ 55 دولاراً للشخص الواحد. وعلى رغم الساعات التي تقضى في إعداد الوجبات، فإن النادلين في أكبر فنادق دبي يقولون إن غالبية ما يتبقى من الطعام يذهب مباشرة إلى صناديق القمامة. وتفيد بلدية دبي بأن كمية الطعام الملقى في صناديق القمامة في الإمارات يزيد بنسبة 20 في المئة خلال شهر رمضان، وغالبية البقايا تتكون أساساً من الرز والأغذية الأخرى، غير الخضار. وأُلقي نحو 1850 طناً من الطعام في المتوسط خلال رمضان العام الماضي، أي ما يمثل نحو 20 في المئة من إجمالي المخلفات في دبي خلال رمضان. ويقول نادل في فندق من خمس نجوم، آثر عدم ذكر اسمه: «كل الأكلات الساخنة والباردة، تلقى بعد الإفطار، وإذا طلب الناس توصيل الطعام إلى غرفهم، نقدم طعاماً طازجاً مرة أخرى. لكن يبقى الكثير من المخلفات». لكن خبراء التغذية في فنادق كبرى يقولون إنهم يعتزمون عدم الإلقاء بأي طعام، على رغم أن معدل إعداد الطعام يزيد بما يصل إلى 15 في المئة خلال رمضان. وأثارت الزيادة الكبيرة في مخلفات الطعام خلال رمضان انتقادات علماء الدين الذين يقولون إن هذا يتنافى مع روح الصيام. ويقول الشيخ مدثر صديقي: «إهدار نعمة الله، مثل الطعام، خصوصاً في حين يتضور الناس جوعاً في أثيوبيا والصومال وأماكن أخرى، لا يتناسب مع فكرة الاعتدال في الإسلام. ويقول الله في القرآن إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين». ويضيف: «يجب أن تخفض الفنادق كمية الطعام التي تقدمها. يجب ألا تكون المسألة استعراضاً. وجبات الإفطار في الفنادق يجب ألا تكون مخصصة للأثرياء وحدهم، بل للجميع، لا سيما الأقل حظوة، وهناك الكثير منهم». ومن المبادرات التي تتطلع إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين مشروع «حفظ النعمة»، الذي تأسس عام 2004 في أبو ظبي، ويهدف إلى جمع بواقي الطعام من التجمعات الكبرى، مثل حفلات الزفاف والمآدب ووجبات الإفطار في الفنادق في عاصمة الإمارات، لتوزيع الطعام السليم. ويأمل مدير المشروع، سلطان الشحي، أن تمتد نشاطاته إلى دبي وإمارات أخرى.