قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس، بعد تسلمه التوصيات المتعلقة بالتعديلات المقترحة على الدستور التي وضعتها لجنة ملكية شكّلها في نيسان الماضي، انه يأمل في ان يتحول الحراك الشعبي الوطني الى مشاركة في التشريع وتشكيل حكومات برلمانية عبر عملية انتخابية عصرية على اساس احزاب ذات برامج وطنية. وشملت توصيات اللجنة، والتي حصلت «الحياة» على نسخة عنها، وضع أسس جديدة للعلاقة بين الحكومة ومجلس النواب، وتحديد صلاحيّات السلطة التنفيذية بوضع قوانين موقتة في 3 حالات كما كان عليه الحال بدستور عام 1952، وإنشاء المحكمة الدستورية، وإنشاء هيئة مستقلّة للإشراف على الانتخابات، إضافة الى محاكمة المدنيين أمام المحاكم المدنية، وإناطة محاكمة الوزراء بالمحاكم العليا المدنية، والطعن في نتائج الانتخابات أمام القضاء المدني. وقال العاهل الاردني في كلمة ألقاها في باحة قصر رغدان وسط حشد ضم أعضاء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، والهيئات الديبلوماسية، وفعاليات سياسية ونقابية وحزبية وإعلامية، ان الأولوية التشريعية في هذه المرحلة الوطنية تتمثل في إنجاز التعديلات الدستورية المطروحة في إطار زمني لا يتجاوز شهراً بما يعطي للسلطة التشريعية القدرة على الانتقال إلى دراسة وإقرار التشريعات السياسية المتمثلة في قانوني الأحزاب والانتخاب، مشدداً على ضرورة انجاز خريطة الإصلاح السياسي ضمن إطار زمني لا يتجاوز الربع الأخير من العام الحالي. وأعرب الملك عن أمله في أن يتحول الحراك الشعبي الوطني إلى عمل مؤسسي ومشاركة شعبية فاعلة في التشريع وتشكيل الحكومات حتى «نخرج من دائرة رفع الشعارات إلى توفير القنوات لممارستها باعتبارها حزبية أو نقابية أو شبابية، وفي إطار عملية سياسية مؤسسية تحترم تداول الحكومات، من خلال حكومات برلمانية، وعبر عملية انتخابية عصرية على أساس أحزاب ذات برامج وطنية». وتطرق إلى دور الشباب في الحياة السياسية والنيابية، مشيرا إلى ان التعديلات الدستورية المقترحة نصت على خفض سن الترشح للنيابة إلى 25 عاماً. كما تطرق العاهل الأردني إلى الاقتراحات المرتبطة بإنشاء محكمة دستورية للبت في القوانين وترسيخ دور القضاء باعتباره الفيصل الذي يحمي دستورية التشريع. وركّز على شكل العلاقة الجديدة بين الحكومات ومجلس النواب، مشيراً الى ان الاقتراحات ستعزز التوازن بين الحكومة والمجلس عبر ربط حل مجلس النواب باستقالة الحكومة فوراً، ووقف إصدار القوانين الموقتة إلا في حالات الحرب والكوارث الطبيعية والنفقات المالية التي لا تحتمل التأجيل، بالإضافة إلى تولي هيئة وطنية مستقلة إدارة الانتخابات، مضيفا ان سلطة النظر في الطعون النيابية ومحاكمة الوزراء محصورة بالقضاء. وتضمنت توصيات اللجنة الملكية لمراجعة الدستور اعتبار كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون، وعدم جواز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته أو يمنع من التنقل إلا وفق أحكام القانون، وان تُكفل حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون، وعدم جواز تعطيل الصحف ولا إلغاء ترخيصها إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون، وان تكون السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وان تصدر الأحكام وفق القانون باسم الملك، وانه إذا كان مجلس النواب منحلا، فعلى الوزارة أن تتقدم ببيانها الوزاري وأن تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من اجتماع المجلس الجديد. وأوصت اللجنة بأن تُنشأ بقانون «محكمة دستورية» يكون مقرها عمان وتعتبر هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، وتؤلف من تسعة أعضاء من بينهم الرئيس ويعينهم الملك، وان تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتصدر أحكامها باسم الملك، وتكون أحكامها نهائية وملزمة لجميع السلطات وللكافة، كما تكون أحكامها نافذة بأثر مباشر ما لم يحدد الحكم تاريخاً آخر لنفاذها. ويكون للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور إذا طلب إليها ذلك، ويكون قرارها نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية. ومن بين التوصيات «إنشاء هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات»، على ان يَنتخب مجلس النواب في بدء كل دورة عادية رئيساً له لمدة سنتين مع اجازة إعادة انتخابه. ويشترط في عضو مجلس النواب زيادة على الشروط المعينة في المادة ال75من هذا الدستور أن يكون قد أتم 25 سنة من عمره. وشملت التوصيات ان تستقيل الحكومة خلال اسبوع من تاريخ حل مجلس النواب في عهدها، وانه عندما يكون مجلس الأمة غير منعقد أو منحلا يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين موقتة لمواجهة الطوارئ في 3 حالات هي الكوارث العامة، وحالة الحرب والطوارئ، والحاجة الى نفقات مستعجلة لا تتحمل التأجيل. يذكر أن اللجنة الملكية المكلفة مراجعة الدستور تشكلت برئاسة احمد اللوزي وعضوية رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري ورئيس مجلس النواب فيصل الفايز والدكتور فايز الطراونة ورئيس المجلس القضائي راتب الوزني ورجائي المعشر والدكتور سعيد التل وطاهر حكمت ومروان دودين ورياض الشكعة.