اتفاقية تعاون بين شركة حرف السعودية وشركة شكرا لخدمات الأعمال لدعم الحرفيين    السياحة تعلن عن تجاوز عدد الغرف المرخصة في مكة 268 ألفًا بنسبة نمو 64%    المسلم في عين العاصفة    حساب المواطن: 3 مليارات ريال مخصص دعم شهر مارس    سعود بن نايف يرعى منتدى الجبيل للاستثمار 2025 لتسليط الضوء على دور المنطقة الشرقية في تحقيق رؤية المملكة 2030    اتفاقية تعاون بين تجمع الرياض الصحي الثالث ومستشفى الملك فيصل التخصصي    ارتفاع أسعار الذهب إلى 2914 دولارًا للأوقية    2.600 كرتون تمر أرسلتها المملكة لأهالي مديرية سيئون بحضرموت    200 سلة غذائية لاغاثة أهالي بلدة صحنايا بريف دمشق    اللواء الفرج يتفقد خطط الدفاع المدني في العاصمة المقدسة لشهر رمضان 1446ه    اليمن.. إتلاف ألغام حوثية في مأرب    أنهى ارتباطه بها.. فقتلته واختفت    في إياب دور ال 16 لدوري أبطال آسيا للنخبة.. النصر يتطلع للتأهل من بوابة الاستقلال    في ختام الجولة 25 من " يلو".. النجمة والعدالة في صراع شرس على الوصافة    أعلى نمو ربعي خلال عامين..الإحصاء: 4.5 % ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي    في ترتيب الأكاديمية الوطنية للمخترعين الأمريكية.. الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم    مواقف ذوي الإعاقة    العبيدان مديراً لخدمات الطب الشرعي    يوم العلم السعودي.. رمز الفخر والهوية الوطنية    خلال حفلها السنوي بالمدينة.. «آل رفيق الثقافية» تكرم عدداً من الشخصيات    300 مليون دولار.. طلاق محتمل بين جورج كلوني وزوجته اللبنانية    تجديد مسجد «فيضة أثقب» على الطراز المعماري التراثي    تجاوز ال"45″ عاماً.. الإفطار الجماعي يجدد ذكريات «حارة البخارية»    مخيم عائلة شبيرق بأملج لإفطار الصائمين    تلاعبوا بعواطف جماهير الأندية وأغراهم التفاعل الكبير.. مفسرو أحلام" بميول رياضية" يبحثون عن" الشو الإعلامي" فقط    وفد إسرائيل في الدوحة.. وويتكوف يصل غدًا.. «هدنة غزة».. جولة مفاوضات جديدة وتعقيدات مستمرة    ولي العهد يتلقى رسالة من رئيس إريتريا    اغتراب الأساتذة في فضاء المعرفة    الغذامي والبازعي والمسلم.. ثلاثتهم أثروا المشهد بالسلبية والشخصنة    مدير الأمن العام يرأس اجتماع اللجنة الأمنية بالحج    خيام الندم    سلمان بن سلطان يدشن مشروعات بحثية توثق تاريخ المدينة    الشيخوخة إرث الماضي وحكمة الحاضر لبناء المستقبل    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد منطقة الطائف العسكرية    فيجا يربك حسابات الأهلي    السالم يبتعد بصدارة المحليين    فتيات الكشافة السعودية روح وثّابة في خدمة المعتمرين في رمضان    الكشافة في المسجد النبوي أيادٍ بيضاء في خدمة الزوار    بلدية محافظة الشماسية تعالج تجمعات المياه بعد الحالة الجوية الماطرة    تمبكتي يعود أمام باختاكور    الاتحاد يجهز ميتاي للرياض    سعود يعود بعد غياب لتشكيلة روما    ارتفاع أعداد الحاويات الصادرة بنسبة 18.25% خلال فبراير 2025    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل "التوعية بالعنف الأُسري"    أبها للولادة والأطفال يُفعّل حملة "التطعيم ضد شلل الأطفال" و "البسمة دواء"    مستشفى خميس مشيط العام يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    فرض الضغوط وتعزيز الدعم إستراتيجية بورتمان لسلام أوكرانيا    شبكة مالية حوثية للهروب من العقوبات    "تكفى لا تعطيني" تحاصر عصابات التسول    سلام دائم    نعتز بالمرأة القائدة المرأة التي تصنع الفرق    هدم 632 منزلاً في طولكرم    أعمال «مرور الرياض» أمام محمد بن عبدالرحمن    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد فيضة أثقب بحائل    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    يوم العلم السعودي.. اعتزاز بالهوية وترسيخ للقيم    المرأة السعودية.. شريك أساسي في بناء المستقبل بفضل رؤية القيادة الرشيدة    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السوريّ باسل شحادة تحدّى الموت مع دراجته «لينين»
نشر في الحياة يوم 15 - 08 - 2011

قد لا يُخيّل للمرء أن أحداً يمرّ ليجلس على الكرسيّ الخشب الوحيد، على قمة جبل «آلاموت» الإيراني (المكان الذي ولدت فيه أسطورة حسن الصباح) حيث الارتفاع الشاهق، والثلوج القاسية البرودة، لكنَّ رجلاً واحداً كهلاً، يزور المكان يومياً ليتناول فطوره هناك، وفي صباح من نيسان (أبريل) الماضي، كان الرحّالة الهاوي باسل شحادة يجلس مع الرجل، ويقايضه ما يملك من طعام، فيأخذ منه الخضار ويعطيه الجبن، مشاركاً إيّاه خلوته.
«رحلة مكشوفة على الطبيعة، فليس للدرّاجة النارية حاجز يمنع الرؤية كما السيارة، وهي لصيقة بالصمت، إذ على السائق مراقبة ما حوله بهدوء» يقول شحادة، واصفاً رحلته البرية على دراجته النارية من دمشق إلى العاصمة الهندية نيودلهي. يقضي شحادة (27 سنة) معظم وقته الآن صامتاً، بعد رحلته التي استمرّتْ ستين يوماً، ففي تركيا وإيران لم يتحدث إلا قليلاً بسبب عائق اللغة، كما رسمتْ الرحلة علاقةً جديدة بينه وبين الإنسان، فقد وثق بكل شخصٍ صادفه أو دعاه إلى الإقامة لديه، ويضيف: «لم يُمثّل عليّ أحد دور الطيب، الجميع أظهروا حقيقتهم الإنسانية الصافية».
تَعلّم شحادة (أنهى دراسة الهندسة المعلوماتية) قيادةَ الدراجة النارية قُبيلَ رحلته بفترة وجيزة، كما أنه اشترى بمبلغ لا يتجاوز (200 دولار) دراجةً روسية من طراز عسكريّ قديم، ثم أصلحها، وأعاد هيكلتها مع مُختصّ في ذلك، لينطلق بها، مُطلِقاً عليها اسم «لينين»، تيمّناً بالقائد الروسي الشيوعي. وقطع شحادة في رحلته مسافة 12 ألف كيلو متر، كانت حافلةً بالقصص الإنسانية السيّئة والجيدة، تَعرّض خلالها لأربعة حوادث سير، كان واحد من بينها كفيلاً بهلاكه، عندما اصطدمت به شاحنة في باكستان، والتهب جرحه بشدة حين وصل الهند، يقول: «كنتُ ألعب يومياً القمار مع الموت، إلا أنه لم ينل مني».
الطقس في مثل هذه الرحلات غير مهم أمام التحدّيات الأخرى، لكنّ برودة الثلج، جعلت الشاب يغفل عن جَرْحِه يدَه العميق، وهو يقطع ثمرة البطاطا باستعجال، حيث خيَّمَ في الطبيعة الإيرانية، وكونه لا يحمل من المال سوى 400 دولار، صرف معظمها خلال الأيام التي قضاها في تركيا، فقد اعتذر من الطبيب عن عدم قدرته على دفْع تكاليف علاجه، فما كان من الطبيب الإيراني إلا أن دعاه إلى الاحتفال معه في منزله، وشُرْب النبيذ الذي تصنعه القُرى الريفية، بعيداً من الرقابة.
رقص شحادة مع إيرانيين لا يعرفهم، في مدينة أصفهان، وعادةً ما يجتمع إيرانيّو هذه المدينة تحت جسور الأنهار، ليرقصوا ويُغنّوا، بعيداً من أعيُن من يَمنَع هذه الأفعال الإنسانية العفوية، ويُجرّمها، كما أنه قضى معظم أيام الرحلة في إيران من دون مال، إذ يتعذَّر استخدام بطاقة ال (Credit Card) هناك، حتى إن إحدى العائلات الإيرانية استضافتْه من دون مقابل، وأعطتْه ما يُعادل أربعة دولارات ليضعها صدقةً في مقام «السيدة زينب» في دمشق. وفي طهران ساعده مُشرّد اسمه علي على إصلاح عُطلٍ لَحِق بدراجته، وما فاجأ شحادة هو إلمام المُشرّد بأربع لغات أجنبية أخرى، إضافة إلى الإنكليزية التي تواصل بها معه، وامتلاكه فاكس يتواصل به مع الأصدقاء.
مساعدة الأمم المتحدة لمُوظّفها السابق، شحادة، مكّنته من الحصول على تأشيرة دخول إلى باكستان، على رغم أن التأشيرة لا تُمنَح بسهولة للسياح العرب، وهذا ما أكّده الموظف الستّيني، على الحدود الصحراوية الإيرانية - الباكستانية، حين قال له: «أنتَ أول سوريّ يَمرّ براً من المكان».
بدأ شحادة (قام سابقاً برحلة حول سورية على دراجة هوائية خلال أسبوعين) رحلتَه من دمشق، مهووساً بالوصول إلى العاصمة الهندية نيودلهي، ومأخوذاً بتحقيق حلم قديم رافقه، منذ سماعه برحلة تشي غيفارا في اميركا اللاتينية، وفي سهل البنجاب الباكستاني، ارتطمتْ درّاجته بجدار منزل زراعي، فوجد نفسه في غرفة معيشة الأسرة، وبلغة الإشارة تفهّمت الأسرة منه ما حدث، ثم خيّم في الأرض المجاورة لمنزلها، وبدأ بإصلاح ما دمّره من الأعمدة الخشبية، واستمرّت علاقته بالأسرة خمسةَ أيام أخرى (من الإقامة والمشاركة في الطعام).
«الرحلة سهلة التحقيق، فالإجراءات لا تتعدّى الحصول على شهادة للقيادة من نادي السيارات الدولي، إضافة إلى دفْع مبلغ تأمينيّ على الآليّة المُستخدَمة، ضماناً لعودتها إلى بلد الخروج» هذا مفتاح رحلة شحادة، كما يقول، تُضاف إليه قراءة كثير من التفاصيل حول الأمكنة قبل السفر إليها، والاندفاع نحو الآخر، وممارسة طقسه أينما وُجِد، إذ لم يمنعْه شيء من أداء الصلاة، مثلاً، مع اللاجئين الأفغان على الحدود الباكستانية، على رغم أنه ليس مسلماً.
وحين وصل إلى الحدود الباكستانية الشرقية (واغا)، مقترباً من الهند، استقبله الناس بحفاوة، وبادلهم رغبتهم في التودّد إليه، فالهنود والباكستانيّون يستعرضون عسكرياً مهاراتهم يومياً، قُبيلَ إغلاق الحدود عند المساء، كنوع من التباهي: «ما إنْ رأوني حتى بدأوا بالتصفيق والهتاف، كوني آخر عابر من الحدود، في ذلك اليوم».
بين «السيخ» في المعبد الذهبي، و «الهندوس» في نهر «الغانج»، عاش شحادة نهاية رحلته، متأمّلاً، ومُتورّطاً في دروس «اليوغا» المفتوحة للجميع، إلى أن وصل منزل الدالاي لاما الحالي، في دارم سالا، حيث انتظر خمس ساعات، بعد أن طلب رسالة سلام وحُبّ من زعيم التيبت الروحيّ إلى «كُلِّ السوريين»، ليخرج المساعد ومعه قلادة، أرسلها الدالاي لاما هديةً لشحادة، قد تحميه كما كلّ السوريين من أيّ شرّ».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.