تناول محمد أبو قريش أسلوباً تقنياً في التجسّس الإلكتروني يشار إليه بمصطلح «آبستريم» UPSTREAM، بمعنى استخدام وسائل للتنصت على الاتصالات التي تمر في كابلات الألياف البصرية العابرة في الولايات المتحدة، أو في محطات للكابلات في قيعان البحار. وتعتمد مقاربة «آبستريم» على تعاون شركات المعلوماتية والاتصالات مع «وكالة الأمن القومي» في الوصول إلى مخزون هائل من بيانات الهواتف والإنترنت. وأوضح أبو قريش أيضاً أن وثائق سنودن كشفت أن «وكالة الأمن القومي» تحتفظ بالبيانات (ميتاداتا) التي تستخلصها بواسطة نُظُم التجسّس الإلكتروني في قاعدة بيانات تدعى «مارينا» MARINA لمدة 12 شهراً. وأضاف أبو قريش أن الاستخبارات الأميركية والبريطانية تبذلان جهداً منهجياً لفك أنظمة الترميز والتشفير المستخدمة في حماية الإنترنت، ومن بينها ما يتصل بالبريد الإلكتروني والتجارة الرقمية والمعاملات المصرفية والسجلات الرسمية. كما تطبقان برنامجاً إضافياً يكلف250 مليون دولار سنوياً للعمل على إضعاف برمجيات الأمان، والمعايير العالمية للسلامة والأمن، الأمر الذي دفع الخبراء إلى التحذير من تلك الممارسات لأنها تجعل جمهور الإنترنت عرضة للاختراق. وبالنظر إلى ما حدث من سنودن، أظهرت أولى الوثائق المسربة أن «وكالة الأمن القومي» تتابع برنامجاً مثيراً للجدل لجمع سجلات المكالمات الهاتفية لملايين الأميركيين. ووفق أبو قريش، بدأ العمل في البرنامج في عهد إدارة جورج بوش الابن، مشيراً إلى أن كثيراً من المتابعين اعتقدوا خطأً أنه ألغي قبل سنوات، لكن تبين أنه أجيز قانونياً مرة أخرى. وأفرجت إدارة أوباما عن مئات الصفحات من الوثائق السرية عن البرنامج، وأظهر عدد منها أن بعض عمليات المراقبة كانت مخالفة للدستور، وفقاً لمحكمة سرية متخصّصة بمراقبة الاستخبارات الأجنبية وتحمل اسم «إف آي إس آيه» FISA وهي تشرف على تلك العمليات. واختتم أبو قريش حواره بأن شبكة الإنترنت عرضة للاختراق دوماً من قبل حكومات وأفراد. وأما بالنسبة إلى مصر، فإن ما يقلق أبو قريش يتمثل في الاستعانة بشركات تعمل وفق ما تريده وزارة الداخلية. التجربة الفرنسيّة في السياق عينه، تحدّث المُدوّن الإلكتروني المصري محمد الطاهر، وهو من المهتمين بحرية التعبير، عن مسألة استخدام دول غربية كأميركا وإنكلترا وفرنسا تقنيات للتجسس قائلاً: «في فرنسا، استغلت الإدارة العامة للأمن الخارجي ثغرة في القانون الفرنسي كي تتجسّس على اتصالات الجمهور»، وفق الطاهر. ويشير تحديداً إلى برنامج «فين فيشر» Fin Fisher للتجسّس على الجمهور، وهو مستخدم من قِبَل 25 حكومة، من بينها مصر ودول عربية أخرى. ومن بين الوثائق التي اكتشفت عقب انتفاضة 2011 واقتحام جهاز أمن الدولة في مصر، عروض ضوئية ومناقصات تجارية ومحاضر اجتماعات، تتمحور حول استخدام البرنامج وما يشبهه في التجسّس على البريد الإلكتروني لمواطنين، يعود بعضها إلى العام 2008. ومازال الجدل مستمراً حول ما كشف عنه في مصر، بين مؤيد لمساعي منع أعمال العنف والتخطيط لها عبر الإنترنت، ومن يعارض تخوّفاً من سوء استخدام تلك التقنيات، بالنظر إلى تاريخ سيئ الصيت لوزارة الداخلية في أذهان كثيرين من الناشطين، خصوصاً قبل انتفاضة العام 2011 ضد نظام مبارك.