في كتاب ذائع الصيت «إسمع يا رضا»، قارن الكاتب اللبناني الراحل أنيس فريحة الألعاب التي طبعت طفولته، بتلك التي رأى أحفاده يمارسونها في طفولة أكثر عصرية وحداثة. وفي جملة لا تخلو من نوستالجيا شجيّة، قال فريحة: «ألعابكم أغلى من ألعابنا، لكن ألعابنا أحلى». ترى ماذا دار في خلد الآباء في لبنان، إذ أحضروا ما يزيد على خمسين طفلاً ومراهقاً لحضور مسابقتي «أقوى رجل آلي» (وهي مسابقة للروبوت تنعقد للمرة الأولى لبنانياً) و»السباق السنوي لسيارات الطاقة الشمسية» الذي يقام للسنة الثانية في بيروت؟. أشرف على المسابقتين مركز «المهندس الصغير» المتخصص في تعليم الأطفال مبادئ الهندسة والمنطق العلمي، إضافة إلى مقاربات أساسية في العلوم والتكنولوجيا والروبوت والطاقة البديلة. ووسط جو مفعم بالحماسة والتسلية، تبارى الأطفال والمراهقون، بسيارات وروبوتات ابتكروها بأيديهم وعقولهم، مرتكزين على مبادئ هندسة الروبوت التي تعلموها في دورة استمرت خمسة أسابيع. وأوضحت رنا شميطلي مؤسّسة مشروع «المهندس الصغير» أنها تفخر برؤية أطفال يبتكرون روبوتات ويصممون سيارات تُدار بطاقة الشمس، ما يعكس تمتعهم بمستويات فكرية عالية تضاهي مستويات طلاب السنة الأولى في كليّات الهندسة. وقد خضع الأطفال والمراهقون لبرنامج صيفي مكثف، خصّص للتوعية على موضوعات بيئية تتصل بضرورة الحفاظ على الثروات الطبيعية واستخدام الطاقات المتجدّدة. وصمّم المشاركون عن هذه الفئة سيارات تعمل بطاقة الشمس، إضافة إلى استخدامهم مواد قابلة لإعادة التدوير بلغ عددها 26 سيارة، خاضت سباقاً طوله 18 متراً. وحلّ أسعد رعد وجاد رعد وريان عكاري في المرتبة الأولى بفضل سياراتهم التي اجتازت السباق بسبع ثوان ونصف الثانية. فيما حلّ عمر بلهوان وزاهي عيتاني في المرتبة الثانية بسبع ثوان و75 جزءاً من الثانية. وجاء مكرم أبو علي وريان إدريس وكريم فيداوي في المرتبة الثالثة، بوقت مقداره 7 ثوان و87 جزءاً من الثانية. في السياق عينه، شارك 16 فريقاً في مسابقة الروبوت. وفاز الرجل الآلي الذي صمّمته أربع فتيات هنّ جنى عدنان، لين أبو حمزة، نادين أبو حمزة ومريم المبشر. في هذا الصدد، قالت شميطلي: «إلى جانب الحماسة التي خيمت على الحدث، جاءت النتائج مشجّعة أيضاً إذ عكست قدرة الأطفال العالية على استيعاب مبادئ تصميم الروبوت وتركيبه. ويعزز هذا صحة الاعتقاد بضرورة المراهنة علمياً على الأطفال، وترسيخ حب العلم فيهم، بطرق مسلية ومرحة». ألم يقل الشاعر الإنكليزي الشهير ويليام وورد ورث: «الطفل هو أب الرجل»؟ لعل طفولة أجيال الروبوت والكومبيوتر تحقّق المعنى الذي قصده وورد ورث، لكن بطريقة تتلاءم مع إيقاع القرن ال 21.