تبدو المفارقة كبيرة في عُمان، البلد الذي يملك سواحل تزيد على ثلاثة آلاف كيلومتر وعُرف على مدار التاريخ بأن مواطنيه على علاقة وطيدة بالبحر، لكن السلطنة تبحث منذ ثلاث سنوات عن ثروتها السمكية فلا تجد منها إلا اليسير الذي لا يكاد يكفي لسد النقص في أسواقها. وارتفعت الأسعار بنسبة تزيد على 500 في المئة مقارنة بالفترة السابقة، فسعر سمك التونة الطازج كان يباع بريال عماني واحد (2.6 دولار) للأربعة كيلوغرامات، ووصل سعره مطلع شهر رمضان إلى خمسة ريالات للكيلو، وفي حالات كثيرة يصعب العثور عليه في السوق. ولام المواطنون على شركات الصيد الكبرى التي تجرف السمك بكميات هائلة، ما جعل الحكومة العمانية تصدر قراراً قبل سنتين يمنع شركات الجرف القاعي من الصيد ومنحتها مهلة سنتين لتسوية أوضاعها، وقررت وزارة الثروة السمكية منع تصدير خمسة أنواع من السمك، هي الكنعد والهامور والسهوة والصال والشعري، لمدة سبعة شهور ابتداء من أول آذار (مارس) حتى نهاية أيلول (سبتمبر) المقبل، قابلة للتمديد، عبر كل منافذ التصدير البرّية والجوّية والبحرية. واستثنى القرار «المنتجات السمكية الخام المعالجة عبر القطع والتجهيز والتغليف، او إضافة مواد اليها بغرض تحسين تداولها طبقاً للشروط والضوابط المنصوص عليها في لائحة ضبط جودة الأسماك الصادرة من الجهة المختصة في الوزارة. ويشتكي الصيادون من سفن الصيد التجاري، التي يرون أنها تؤثر على مخزون السمك وتصدّر الانتاج إلى الخارج. وطالبوا الحكومة بتعيين مراقبين للعمل في البحار والأسواق ومراقبة السفن التجارية وسفن الجرف التي تعمل في المياه المخصصة للصيادين الحرفيين والقريبة من الشواطئ وتستخدم أدوات صيد ذات تقنيات حديثة تصل إلى الأعماق وتؤثر على البيئة البحرية وحياة السمك والشعاب المرجانية التي تعتبر مأوى لها. وعلى رغم قرار حظر التصدير، أوقفت الحكومة عشرات الناقلات التي تهرّب الأسماك إلى الأسواق الخليجية المجاورة، غالباً على الحدود مع الإمارات. وعلى رغم تلك الإجراءات مازالت الأسعار ترتفع ويقل المعروض بوضوح. وحاولت الحكومة طمأنة المستهلكين، وبرر وزير الزراعة والثروة السمكية فؤاد بن جعفر الساجواني (أحد الوزراء الجدد بعد الاحتجاجات الأخيرة) في تصريحات صحافية، نَقْصَ المعروض من الاسماك الطازجة في السلطنة بمجموعة أسباب، من بينها هبوب رياح موسمية في فصل الصيف على المنطقة الوسطى ومحافظة ظفار الغنيتين بالموارد السمكية، التي تمنع الصيادين بقواربهم الصغيرة من المخاطرة والنزول الى البحر، لافتاً إلى توافر اسماك مثلّجة. وأشار إلى تأثير الصوم على الصيادين، معلناً زيادة الدعم لهم من 80 في المئة الى 100 في المئة، تشمل القوارب والمحرّكات ومعدات الانتاج ومعدات الملاحة وسيارات النقل. وأنشأت الوزارة مصانع للثلج في مواقع الانتاج وموانئ الصيد في السلطنة، وطرحت مناقصات جديدة لإنشاء موانئ اخرى ومواقع إنتاج وتأمين تسهيلات للصيادين.