اعتمدت منظمة العمل الدولية في ختام مؤتمرها السنوي ميثاقاً أعلنت أن هدفه توجيه السياسات الوطنية والدولية في مواجهة احتمال زيادة البطالة والفقر وعدم المساواة في فرص العمل واستمرار انهيار المؤسسات التجارية بسبب تداعيات الأزمة المالية والعالمية، بحيث يجب على الحكومات حماية العمال من تداعيات الأزمة التي تطاول أسرهم وتخلّف تداعيات اجتماعية مختلفة. وأكد المدير العام للمنظمة خوان سومافيا في مؤتمر صحافي «ضرورة العمل عاجلاً لتعزيز الانتعاش الاقتصادي وخلق فرص عمل أثناء الاستعداد لمرحلة أكثر توازناً وعدلاً يستعيد فيها الاقتصاد العالمي عافيته بصورة أكثر استدامة». وأشار في الوقت ذاته إلى أن هذا الميثاق «هو طريق جماعي ساهمت في صياغته الدول الأعضاء في المنظمة الدولية استناداً إلى تجاربها واستراتيجياتها»، ووضع بالتعاون مع رؤساء دول وحكومات ووزراء عمل ونقابات وممثلي شركات القطاع الخاص، في حرص على المشاركة الفعالة في مؤتمر هذه السنة، إذ بلغ عددهم نحو أربعة آلاف، ما يعكس حجم المخاوف من انعكاسات الأزمة المالية على العمال. ونوه سومافيا بتأكيد زعماء العالم أن «هناك حاجة ملحة إلى التغيير، إذ أن التحدي الذي يواجهنا اليوم هو وجود فرصة جيدة تجمع بين تأمين فرص العمل وحماية العمال وتشجيع الاستثمار والنمو لوضع حلول طويلة الأجل للأزمة»، وأعتبر أن الميثاق العالمي «هو الرد المناسب على المشكلات الأكثر إلحاحاً والمنتشرة على نطاق واسع للرد على الأزمة الاقتصادية». ويعتمد الميثاق على خلفية تقرير حديث لمنظمة العمل الدولية أظهر زيادة غير مسبوقة في البطالة على الصعيد العالمي واستمرار وجود مستويات عالية جداً من الفقر. وقال سومافيا «إن منظمة العمل الدولية تتوقع أنه حتى وإن بدأ الانتعاش الاقتصادي هذه السنة أو المقبلة، فإن التعافي من آثار الأزمة سيستغرق وقتاً طويلاً قد يصل إلى ما بين ستة وثمانية أعوام». وحذّر أيضاً من وجود «45 مليون شخص يتدفقون على سوق العمل العالمية سنوياً، معظمهم من الشباب نساء ورجالاً، ما يعني أن الاقتصاد العالمي يجب أن يؤمن نحو 300 مليون وظيفة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة فقط للعودة إلى مستويات ما قبل أزمة البطالة». ووفق منظمة العمل الدولية، سيتزايد عدد العاطلين من العمل بين 39 و59 مليوناً كل سنة، ليبلغ 239 مليوناً في العالم حتى 2010 ويصل عدد العمال الذين يحصلون على اقل من دولارين في اليوم إلى 200 مليون شخص. ملفات عاجلة وملحة وعقد المؤتمر أيضاً طيلة اجتماعاته السنوية، بين 13 و19 الجاري، جولات مكثفة من المناقشات حول دور المؤسسات وسياسات التوظيف، وأهمية الحماية الاجتماعية وحقوق العمال والحوار الاجتماعي بين أرباب العمل والنقابات، وتطوير التعاون والتنسيق الإقليمي في معالجة أزمة الوظائف. ويقترح الميثاق العالمي مجموعة تدابير لمواجهة الأزمات، ويتفق الخبراء على عدم وجود حل واحد يناسب الجميع، لكن يجب وضع خيارات على أسس الأمثلة الناجحة، التي تهدف إلى تقديم معلومات ودعم التعاون المتعدد الطرف. ويحث الميثاق على اتخاذ تدابير تهدف إلى الإبقاء على العمال من أجل المحافظة على المؤسسات وتسريع الحصول على فرص العمل لضمان الانتعاش، على أن تقترن تلك الخطوات بنظم الحماية الاجتماعية، بخاصة للفئات الأكثر ضعفاً، مع مراعاة تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في الحصول على عمل لا سيما في الدول النامية والأكثر فقراً، التي تمثل المرأة العاملة فيها عصباً مهماً في توفير جزء من دخل الأسرة. ويدعو هذ الميثاق أيضاً إلى «بناء قطاع مالي أقوى وأكثر اتساقاً لخدمة الاقتصاد الحقيقي وتعزيز استدامة المشاريع والعمل اللائق وتحسين حماية المدخرات ومعاشات التقاعد»، ويحث على التعاون من أجل تعزيز «الكفاءة وحسن تنظيم الأسواق التجارية لتعم فائدة على الجميع وتجنب الإجراءات الوقائية، على أن تراعي الأنشطة الاقتصادية المساهمة في حل مشكلات البيئة». ويشير الميثاق إلى دور الحكومات في الخيارات المهمة مثل الاستثمار في البنية الأساسية وإنشاء برامج خاصة لتأهيل العمال وتدريبهم وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية واحترام الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع مستوى المعيشة. على صعيد آخر، حث خبراء العمل الدوليون البلدان المانحة لمعونات التنمية والوكالات المعنية إلى ضرورة النظر في توفير التمويل اللازم لتنفيذ الميثاق والحد من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.