يبدو أن الساحة السياسية في مصر مقبلة على استقطاب بين أنصار حركات وتنظيمات التيار الإسلامي، إذ يستعد الصوفيون إلى المشاركة بقوة في تظاهرات جرى الخلاف حول تنظيمها اليوم (الجمعة) تحمل اسم مليونية «في حب مصر»، وتهدف الى ترسيخ «مدنية الدولة» والرد على احتشاد ألوف الإسلاميين في تظاهرات حملت اسم «جمعة الهوية» رفعوا خلالها شعارات إسلامية. وكانت جماعة «الإخوان المسلمين» و «الجماعة الإسلامية وأنصار التيار السلفي رفضوا بشدة المشاركة في تظاهرات اليوم واعتبروا أن «لا هدف من النزول إلى الشارع في هذا التوقيت، وأن أضرارها تفوق فوائدها». ويعد هذا التحرك أول انخراط علني للصوفيين في الشأن السياسي، فيما بدا محاولة منهم لشغل جزء من الفراغ الواسع الذي خلفه رحيل الرئيس حسني مبارك، ومناطحة أنصار التيار السلفي و «الإخوان المسلمين التي ترتبط معهما بعلاقة «عداء». وكانت لجنة شؤون الأحزاب المصرية تلقت قبل أيام أوراق حزب «التحرير المصري» والذي يعد الذراع السياسية للصوفيين. وبعد تأرجح وانقسامات أصرت الطريقة العزمية، وهي إحدى أكبر الطرق الصوفية، وعدد من الحركات الشبابية على النزول في تظاهرات اليوم (الجمعة) تحت مسمى «في حب مصر». وكان 28 تياراً وحزباً سياسياً أعلنوا تأجيل التظاهرات إلى جمعة 19 آب (أغسطس) لاستكمال الترتيبات، وهو ما رفضه أنصار الطريقة العزمية التي بدأت في حشد أنصارها فيما بدا أنه عرض للقوة في مواجهة السلفيين والإخوان المسلمين الذين رفضوا المشاركة في التظاهرات. وأكد المنسق الإعلامي لحركة شباب «6 أبريل» الناشط محمد عادل أن حركته ستشارك في تظاهرات اليوم، نافياً وجود نية بإلغائها على رغم تراجع بعض القوى السياسية عن المشاركة، موضحاً أن تظاهرات اليوم من أجل ترسيخ «مدنية الدولة» في مواجهة «المد الديني»، مشدداً على أنه «لا نية للاعتصام أو الاشتباك مع الجيش الذي هو ملك للجميع». وأوضح شيخ الطريقة العزمية علاء الدين أبو العزائم أن نزول الصوفيين الجمعة هو لترسيخ «مدنية الدولة» ورفض أي محاولات لبث الفرقة والانقسام بين القوى السياسية وأبناء الوطن الواحد. مشيراً إلى أن المشاركين سيتجمعون من دون لافتات ولا رايات، وسيتخلل التظاهرات إفطار وصلوات وكلمات تدعو للوحدة الوطنية وأناشيد دينية. في غضون ذلك يبدو أن العلاقة بين الحكومة والإسلاميين في طريقها للتدهور، بعد إعلان نائب رئيس الحكومة علي السلمي عن توجه الحكومة لاستصدار إعلان دستوري جديد يتضمن وثيقة «مبادئ حاكمة للدستور الجديد»، وهو الأمر الذي رفضه بشدة الإسلاميون ولوحوا بالنزول في تظاهرات مليونية لرفض وضع مبادئ «فوق دستورية» وإقالة السلمي. وأكد الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة «الإخوان» سعد الكتاتني أن إرادة الشعب المصري واجبة الاحترام، وأنه لا أحد يملك الالتفاف على هذه الإرادة أو مصادرتها، وأن أية محاولة لذلك تعتبر افتئاتاً على الشعب المصري لن يقبل أو يسمح بها تحت أية مسميات. وفي هذا الإطار عبر الكتاتني عن رفض الحزب «المحاولات التي يقوم بها البعض لمصادرة حق الشعب المصري في إقرار ما يسمى «مبادئ فوق دستورية أو مبادئ حاكم، إذ إن الدستور وثيقة يمنحها الشعب لنفسه بإرادته الحرة، وأي تقييد لهذه الإرادة يعتبر اعتداءً لا نقبله على هذه الإرادة الحرة للشعب الذي يقرر ما يشاء لنفسه من دون وصاية من أحد». ولفت إلى أن «رد الفعل نحو هذه التحركات غير المقبولة سيكون شعبياً غاضباً في ميدان التحرير وفي غيره من ميادين مصر، حيث لن يتنازل الشعب عن حماية مكتسبات ثورته، والدفاع عن حقه في أن يكون الدستور الذي يعبر عنه هو الوثيقة الوحيدة التي تحكمه من دون أن تكون عليها قيود مسبقة».