ليس من المستغرب أن توجد مجموعة من الأشخاص داخل عدد من الدوائر الحكومية؛ للعمل على إنهاء بعض الإجراءات المتعلقة بالآخرين، وذلك بموجب اتفاق رسمي معهم؛ فهذا النوع من العمل الذي يطلق عليه «التعقيب» يعتبر أحد الأعمال المتعارف عليها منذ أعوام طويلة، والتعامل معها بات من المألوف، لكن غير المألوف هو أن يستبدل باسم المعقّبين «المعقّبات»؛ بمعنى عمل مجموعة من النساء على عمل الرجال ذاته، بحيث تتجه مجموعة منهن لإنهاء إجراءات غيرهن في الدوائر الحكومية والخاصة، في مقابل مادي يتم الاتفاق عليه. هذه الصورة أضحت من الواقع منذ شهر؛ إذ بدأت ثلاث من النساء في خطب ود عمل تقديم الخدمات العامة «التعقيب» وافتتاح مكتب خاص بذلك يحمل اسم «خدمات حواء»؛ ليصبح مكتب التعقيب النسائي الأول على مستوى المملكة؛ فانطلقن بالإجراءات النظامية، وبدأ التقديم على الترخيص الذي وجدن معه رفضاً مصحوباً بإلزامهن بافتتاح قسم رجالي لإصدار الترخيص، إلا أن هذا الإلزام وجد شيئاً من المرونة بعد ذلك، تمثل في قبول إصدار ترخيص موقت لمدة ستة أشهر، بدأت في تموز (يوليو) الماضي، على أن يتم إيجاد قسم رجالي بعد ذلك، حتى بدأن تدريجياً العمل وخضن غماره فعلياً. ومن منطلق أن الكثيرات من النساء لديهن بعض المشكلات التي تتطلب بعض الخطوات لحلها، جاءت فكرة افتتاح مكتب التعقيب النسائي؛ إذ توضح مساعدة المدير العام للمكتب، أن بعض النساء لا يعرفن التعامل مع بعض الإجراءات الرسمية التي تتطلبها بعض الجهات؛ لذلك وجدن أن إيجاد مكتب متخصص في تقديم الخدمات من هذا النوع يمثل جانباً مهماً للتسهيل على المرأة، وللاستفادة المادية منه. تقول ندى سعود في حديث إلى «الحياة»: «عمل التعقيب النسائي موجود مسبقاً في بعض الجهات، لكنه يأخذ الشكل الفردي؛ كون بعض النساء يقمن ببعض الإعلانات في المنتديات الإلكترونية الخاصة بالمرأة، ويوضحن خدماتهن، وقد أردنا أن نضع لهذا العمل نوعاً من الرسمية، ونفتتح مكتباً بشكل علني، لأداء هذه المهمة، ونظراً إلى إلزامنا بالقسم الرجالي في بداية الأمر قمنا بطلب مهلة إلى حين تنفيذ ذلك، وبالفعل وجدنا تعاوناً من مشرفة الوحدة النسائية في أمانة منطقة الرياض الدكتورة ليلى الهلالي، وحصلنا على مهلة لمدة ستة أشهر، وآمل أن يتغير شيء في الفترة المقبلة بحيث لا نضطر إلى افتتاح هذا القسم»، لافتة إلى أنهن لمسن وعي المجتمع بإمكان عمل النساء في التعقيب؛ وبالتالي فإن مستوى الإقبال عليهن يعتبر مقبولاً. وذكرت أن نطاق عمل المكتب يشمل مختلف الجهات الحكومية والخاصة التي تحتوي على أقسام نسائية، مشيرة إلى أن معظم الحالات التي تصل إليهن تتعلق بإجراءات للأحوال المدنية، مبينة أن هناك تعاوناً من قِبل بعض الجهات التي يتعاملن معها، معتبرة أن الرسوم التي يحصلن عليها في مقابل كل خدمة مناسبة، و«تأتي بحسب نوعية الخدمة؛ فمثلاً إذا كانت الخدمة تتعلق بإجراءات الأحوال المدنية، من حيث تجهيز الأوراق وتسليمها، فإن المقابل يصل إلى 150 ريالاً». ويبدو أن توجّه هذا الثلاثي النسائي لا يتوقف على إنهاء المعاملات المتداولة بكثرة، مثل الأحوال المدنية والجوازات والبلديات، وإنما هناك توجّه للحضور في بعض القضايا النسائية التي تصل إلى المحاكم، والتعامل مع بعض المكاتب الاستشارية والقانونية؛ من أجل تحقيق هذا الهدف، مبديةً أملها في توسّع عمل المكتب على مستوى مدن المملكة. وتجد عبير الكثيري أن هذا النوع من المكاتب كان من المفترض إيجاده منذ أن تم إيجاد أول قسم نسائي في الدوائر الحكومية، مشيرة إلى أنه يسهم في تذليل الكثير من العقبات التي قد تواجهها بعض النساء، وأضافت: «الفكرة جيدة، وأرجو أن نجد الكثير من المكاتب خلال الفترة المقبلة في كل مدن المملكة؛ حتى تستفيد منها النساء». أما أم فهد فتنادي بدعم النساء الراغبات في افتتاح مكاتب الخدمات النسائية؛ نظراً إلى حاجة الكثيرات إليها، وقالت: «هذه المكاتب جيدة من جانبين هما المادي للقائمات عليها، إضافة إلى جانب تقديم المساعدة؛ لذلك آمل أن تسهّل الجهات المعنية بعض الإجراءات لإيجادها».