قال ناشطون وشهود إن الجيش السوري أحكم سيطرته على مدينة حماة أمس، مع دخول الدبابات الى ميدان العاصي في قلب المدينة ومركز حركة الاحتجاجات. وتحدث الناشطون عن مقتل ما بين 30 إلى 40 مدنيا على الاقل خلال الساعات ال24 ساعة الماضية، وعن فرار آلاف المدنيين إلى مدن اخرى بسبب استمرار القصف والمداهمات وانقطاع كل وسائل الاتصال. وفيما يستعد المحتجون لجمعة «الله معنا» اليوم اعتبر البيت الابيض ان الرئيس بشار الاسد يأخذ سورية والمنطقة في «طريق خطر»، وحذره الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف من «مصير حزين ينتظره» في حال لم يطبق اصلاحات ويتصالح مع المعارضة. في موازة ذلك، اعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون إصدار الرئيس السوري مرسومي قانوني الانتخابات العامة والاحزاب «خطوة في الاتجاه الصحيح اذا تم تطبيقها»، فيما قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن فرنسا تعتبر الخطوة «اقرب الى استفزاز» في اجواء العنف ضد المدنيين. كما أعتبر معارضون سوريون إن السلطة «غير جادة» في التحول الى دولة ديموقراطية مدنية، معتبرين إصدار القانونين «مناورة» من قبل السلطة «طالما لم يتم تعديل الدستور». ميدانيا، قال ناشطون وشهود إن الجيش أحكم سيطرته على حماة، وأعربوا عن مخاوفهم من «غياب» معلومات فورية عما يحدث في المدينة بسبب انقطاع كل انواع الاتصالات. وقال الناشطون إن اكثر من 40 مدنياً قتلوا خلال القصف وان أكثر من 1000 عائلة نزحت عن المدينة. كما تحدثوا عن وجود عدد كبير من الجرحى في المستشفيات. واشاروا الى «استخدام قنابل تطلق شظايا عند انفجارها»، والى «تواجد للقناصة على أسطح المشافي الخاصة». كما تحدث ناشطون عن حملة عنيفة متعددة الاشكال على دير الزور التي تحاصرها مئات الدبابات، مشيرين إلى «تضييق يمارس على اهالي المدينة». وعن «شح في مادة الدقيق»، بعدما منع «المحافظ تزويد 15 مخبزاً بالدقيق في حي الجورة»، كما اشاروا إلى ان الموظفين في دير الزور لم يتمكنوا من قبض رواتبهم لهذا الشهر. وفي تحذير مباشر الى السلطات في دمشق، اعتبر البيت الأبيض ان الرئيس الاسد «يأخذ سورية ومجمل منطقة الشرق الاوسط في «طريق خطير»، فيما أعلنت الخزانة الأميركية عقوبات على رجل الأعمال السوري محمد حمشو واتهمته بتمويل النظام. وكرر الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني موقف واشنطن بأن سورية «ستكون افضل» من دون الاسد، مضيفا ان «الكثير من الاشخاص في سورية والعالم باتوا يخططون لمستقبل لا يكون فيه الرئيس الاسد». في موازاة ذلك، أدرجت وزارة الخزانة رجل الأعمال السوري وعضو مجلس الشعب محمد حمشو وشركته «مجموعة حمشو الدولية» ضمن لائحة العقوبات واتهمته «بالتحرك لمصلحة الرئيس بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد او نيابة عنهما». وأقرت بحظر أي تعاملات معه أو عبره في الولاياتالمتحدة ومع الفروع العشرين لشركته. وأشار بيان الوزارة أن «محمد حمشو حصل ثروته عبر ارتباطاته بشخصيات داخل النظام. ووضع، خلال الاحتجاجات، ثروته لخدمة بشار الأسد وماهر الأسد وآخرين مسؤولين عن العنف والترهيب الذي تقوم به الحكومة السورية ضد الشعب السوري». وتتولى شركة حمشو وفروعها أعمال اعمار وتوزيع أدوات الكترونية وتصنيع حديد ومواد كيماوية وعقود مدنية للمياه والكهرباء وخدمات كومبيوتر وغيرها. وفي موسكو، قال الرئيس الروسي ان روسيا تشعر ب»قلق هائل» ازاء الوضع «المأساوي» في سورية. واضاف انه يحث دائما الرئيس السوري «لكي يطبق اصلاحات ويصالح المعارضة». وتابع «وفي حال لم يفعل ذلك فان مصيرا حزينا ينتظره ولا بد لنا في النهاية من اتخاذ قرار». واوضح مدفيديف انه لا يمكن المقارنة بين الاسد والقذافي الذي نظم في رأيه «حملة قمع اكثر وحشية لمعارضيه». وقال: «اننا سياسيون واقعيون وعلينا ان نرى كيف تتطور الامور. اصدر القذافي في مرحلة من المراحل الاوامر الاكثر صرامة للقضاء على المعارضة. الرئيس السوري الحالي لم يصدر مثل هذه الاوامر». إلى ذلك، بدأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اعداد الخطط العملية التي ستمكنه من تقديم تقريره عن الازمة السورية الى مجلس الامن تلبية لطلب المجلس بما في ذلك محاولته مرة اخرى اجراء اتصال هاتفي مع الرئيس السوري الذي سبق ورفض تلقي مخابرة منه قبل اسابيع. وتعهد الأمين العام تكرار الاتصال مع الاسد «وبذل قصارى جهدي بما فيه محاولة التحدث مع الرئيس الاسد مباشرة، ومع مسؤولين اخرين رفيعي المستوى في الحكومة». وتحرك بان مع كبار مستشاريه ومع وكالات الاممالمتحدة المعنية لجمع اكبر قدر ممكن من المعلومات ليتمكن من تقديم تقرير «فوري وحيادي الى مجلس الامن. فهذا في مصلحة الاسرة الدولية برمتها». وطلب مجلس الأمن من الامين العام في بيانه الرئاسي الاربعاء ان يقدم اليه ايجازا عن الاوضاع السورية في غضون سبعة ايام، ما شكّل «ميكانيزم» مراقبة وابقاء الازمة السورية في مجلس الامن. ورحب بان بالبيان الرئاسي الذي «يحمل رسالة واضحة من المجتمع الدولي». وتوجه بان الى الأسد شخصياً بالقول: «أرجوك استمع بشكل أكبر الى الدعوات الكثيرة من المجتمع الدولي ومني. الاستمرار في هذه الطريقة غير ممكن، وهو لا يمكنه (الأسد) أن يواصل قتل شعبه، ولهذا استطاع المجلس التوصل أخيراً الى هذا البيان». وقال إن العالم وقف شاهداً ببالغ القلق على تدهور الوضع في سورية»، خصوصاً أن «الأحداث في الأيام القليلة الماضية كانت مروعة بشكل قاس». وجدد بان، في مؤتمر صحافي، بعد صدور بيان مجلس الأمن، دعوة الرئيس السوري الى «الوقف الفوري لجميع أعمال العنف المرتكبة ضد الشعب السوري، وإلى احترام حقوق الإنسان احتراماَ تاماَ، وتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها». وحث السلطات السورية على «الامتثال لمطالبة مجلس الأمن بالسماح لوكالات المساعدة الإنسانية الدولية بالعمل بشكل مستقل والدخول دونما عائق، وعلى التعاون بصورة كاملة مع مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان». وشدد بان على ضرورة «إجراء تحقيقات كاملة ومستقلة وشفافة في جميع حالات القتل ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب تلك الأعمال». وأكد على ضرورة «التعامل مع التطلعات المشروعة للشعب السوري من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سورية، بما يضمن الحريات والحقوق الأساسية للجميع». وأكد رئيس مجلس الأمن السفير الهندي هارديب سينغ بوري أن المجلس لن يتردد في العودة الى بحث الوضع في سورية إذا ازداد الوضع سوءاً، مشيراً الى أن البيان يعكس «الرسالة التي يريد المجلس توجيهها وهي رسالة عالية النبرة وواضحة».