لم تكتفِ الهيئة العليا الجديدة للقضاة والمدعين العامين التي شكلها وزير العدل بكير بوزداغ بتغيير مكان عمل مئات من المحققين والمدعين العامين خلال الشهرين الماضيين، بل نفذت أكبر عملية لنقل 2200 قاضٍ ووكيل نيابة إلى مدن أخرى. ووصفت وسائل إعلام الإجراءات بأنها «عملية تنظيف استباقية لعزل القضاة والمدعين العامين والمحققين الذين يُشتبه في انتمائهم إلى جماعة رجل الدين فتح الله غولن، عن محيطهم الإداري والاجتماعي، وتقليل نفوذهم وإخضاعهم للمراقبة بهدف فهم طريقة التواصل بينهم، بعدما عجزت الحكومة عن إظهار أي دليل على وجود شبكة تنظيمية تربط بين أعضاء الجماعة غير ولائهم لغولن». وبين وكلاء النيابة المنقولين جميع من ارتبط اسمهم بتحقيق فضيحة الفساد، الذي شمل أربعة وزراء سابقين وبلال أردوغان نجل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، إضافة إلى وكيل النيابة عزيز طاكجي الذي كشف عمليات تهريب سلاح إلى المعارضة السورية بإشراف الجيش التركي، أحدها إلى أضنة (جنوب) مطلع السنة. تزامن ذلك مع تغيير خمسة من مساعدي محافظ البنك المركزي أردام باشجي الذي كان أردوغان انتقد مرات سياسته الخاصة بخفض سعر الفائدة بحجة الحفاظ على سعر الليرة، واتهمه أيضاً بعرقلة نمو الاقتصاد والتسبب في ارتفاع معدّل التضخم. وتدور شبهات حول انتماء باشجي إلى جماعة غولن، لكن أردوغان لا يستطيع فصله لأن هذه الصلاحيات يملكها الرئيس عبدالله غل الذي يرفض التأثير في استقلالية سياسة البنك المركزي. لذا يُعتبر فصل مساعدي باشجي خطوة من أردوغان لدفعه إلى الاستقالة. وأوردت مواقع تركية إخبارية أن الحكومة تعد في هدوء وسرية ملف قضية كبيرة ضد مئات من موالي غولن، سيُكشف عنها فجأة عبر اعتقال عشرات أو مئات منهم دفعة واحدة. وأشارت إلى أن مستشار وزارة الخارجية التركية في الولاياتالمتحدة فريدون سينرلي أوغلو يُجري لقاءات مع مكتب التحقيقات الفيديرالية (أف بي آي) لتقديم بلاغات ضد جماعة غولن ونشاطها التجاري في الولاياتالمتحدة لتأمين سند قانوني لتسليم رجل الدين إلى تركيا، وأن أنقرة أبدت استعدادها للتعاون مع البيت الأبيض في ملفات عدة مقابل تسليم غولن. إلى ذلك، طرح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في البرلمان مشروعاً لتغيير بنية المحاكم الإدارية في شكل تقول المعارضة إنه «سيُمهّد لسيطرة الحكومة عليها»، وسينظر البرلمان في مشروع القانون بعد 10 أيام. على صعيد آخر، بدأت في إسطنبول محاكمة 26 ناشطاً ونقابياً بتهمة تهديد السلم العام وتشكيل تنظيم غير شرعي ومخالفة قانون التظاهر خلال احتجاجات حديقة «غازي بارك» بساحة تقسيم في إسطنبول في حزيران (يونيو) الماضي. وطالب الادعاء المحكمة بإنزال عقوبة السجن ست سنوات في حق الناشطين الذين قالوا إنهم خرجوا طوعاً للدفاع عن البيئة، واستشهدوا بقرار المحكمة الإدارية رفض مشاريع بناء للبلدية في الحديقة.