لندن، روما، برلين، بيروت - «الحياة»، أ ف ب ، رويترز - عندما زار السفير الأميركي روبرت فورد والسفير الفرنسي إريك شوفالييه حماة في الثامن من تموز (يوليو) الماضي للضغط على النظام السوري لعدم تصعيد حملته العسكرية ضد المدينة، قال ناشطون وحقوقيون إن واشنطن وباريس تريدان «تحرك خط رجعة» للنظام السوري، سيخسره إذا ما ارتكبت قوى الأمن عمليات قتل في حماة. لكن مع اقتحام الجيش للمدينة امس وسقوط ما لا يقل عن مئة قتيل، اضافة إلى عمليات موازية في دير الزور ودرعا وريف دمشق، والإدانات الدولية الواسعة والشديدة اللهجة، بات السؤال المطروح هو: ما هي الخيارات المتبقية أمام المجتمع الدولي للضغط على دمشق، خصوصاً في ضوء تحذيرات لندن امس من أن «الرئيس الأسد مخطئ إذا اعتقد أن القمع والقوة العسكرية سينهيان الأزمة في البلاد». فبعد ساعات من بدء الحملة العسكرية على حماة، دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الرئيس السوري إلى وقف الهجوم الدموي ضد المتظاهرين، معرباً عن مشاعر «الاستياء الشديد» للهجوم الذي يأتي عشية بداية شهر رمضان. وقال هيغ في بيان «اشعر بالاستياء الشديد للتقارير بأن قوات الأمن السورية اقتحمت مدينة حماة بالدبابات وغيرها من الأسلحة الثقيلة... مما أدى إلى مقتل العشرات». وأضاف «أن مثل هذه الأعمال ضد المدنيين الذين يحتجون سلمياً بأعداد ضخمة في المدينة منذ أسابيع عدة، غير مبررة». وقال إنه «يبدو أن الهجوم هو جزء من جهود منسقة في عدد من المدن السورية لمنع الشعب السوري من الاحتجاج قبل رمضان. ومما يزيد من مشاعر الصدمة تجاه هذه الهجمات أنها تجري عشية بدء شهر رمضان». وفي تحذير للأسد قال «الرئيس الأسد مخطئ إذا اعتقد أن القمع والقوة العسكرية سينهيان الأزمة في البلاد. يجب أن يوقف هذا الهجوم على شعبه». وأعرب وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي عن «الصدمة العميقة» إزاء الهجوم العسكري على حماة، ودعا إلى تعزيز العقوبات على دمشق. وقال الوزير الألماني في بيان «إن الذي نشهده اليوم في سورية صدمني بشدة». وأضاف «أن الحكومة الألمانية تطالب الرئيس الأسد بوضع حد فوري لأعمال العنف ضد المتظاهرين المسالمين». وتابع البيان في إشارة إلى الرئيس السوري «وفي حال لم يبد استعداده لتغيير أساليبه سنفرض عقوبات جديدة مع شركائنا الأوروبيين». وأكد البيان أيضاً أن ألمانيا «تبقى مقتنعة تماماً بأن على مجلس الأمن التحرك إزاء أعمال العنف هذه ولن نحد من جهودنا لإقناع الدول المترددة» في إشارة إلى روسيا والصين بشكل خاص. كما دانت إيطاليا الهجوم ووصفته ب «الفعل القمعي البشع» وحضت الحكومة السورية على إنهاء كل أعمال العنف ضد المدنيين. ونقلت وكالة أنسا الإيطالية للأنباء عن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني قوله «انه احدث فعل بشع من أفعال القمع العنيف ضد المحتجين المحتشدين سلمياً منذ أيام». وناشد فراتيني دمشق «الكف الفوري عن كل أشكال العنف» والبدء بحوار شامل مع المعارضة. ومع أن المجتمع الدولي يشعر بالاستياء البالغ من حجم عمليات الجيش امس، وتدل التصريحات الرسمية الغربية على حالة من «فقدان الأمل» في دمشق، إلا أن البديل ما زال غير واضح. وعلى الرغم من أن الاحتجاجات ساعدت في بث الروح في «معارضة محتضرة»، كما حفزت معارضين في الخارج على السعي إلى طرق مبتكرة لدعم الاحتجاجات والتنسيق مع منظميها داخل سورية على أرض الواقع، إلا أن محاولات الجمع بين المعارضين في الخارج وزعماء احتجاجات الشوارع لم تجر دون أن يلحظها الجهاز الأمني للنظام الذي شن حملة في 15 تموز (يوليو) على ضاحية القابون في دمشق حيث كان يأمل نشطاء الانضمام لمؤتمر إسطنبول من خلال دائرة تلفزيونية مغلقة. وتخلوا عن الفكرة بعد أن قتل الجهاز الأمني 14 محتجاً في الحي. وقد اجتمع معارضون في الخارج يقيمون في استراليا والسعودية وكندا والكويت حول مائدة مؤتمر إسطنبول، قبل يومين، لبحث تعزيز التنسيق بين المعارضة، إلا أن قدرتهم على الحركة معاً ما زالت محدودة. ويعترف الكثير من المعارضين في الخارج بافتقارهم إلى قيادة موحدة لكنهم يقولون بإن الإخوان المسلمين واليساريين العلمانيين يمكن أن يتفقوا على هدفين رئيسيين هما الإطاحة بالنظام والسعي لتحقيق مستقبل ديموقراطي. وقال رضوان زيادة الباحث السوري والناشط المقيم في واشنطن إن الإخوان واليساريين العلمانيين استطاعوا توحيد أهدافهم لأن المحتجين لهم هدف واحد هو إسقاط النظام. وأضاف أن المعارضة في الخارج «تقع تحت ضغط» حتى لا تعلن عن خلافاتها بينما يقتل أبناء شعبها في سورية، إلا أنه أوضح أن «إيجاد بديل للنظام سيستغرق وقتاً».