الأحساء وجهة سياحية ب5 مواقع مميزة    إعصار قوي جديد يضرب الفلبين هو السادس في خلال شهر    «هلال نجران» ينفذ فرضية الإصابات الخطيرة    شرطة الدمام تقبض على يمني قتل آخر حرقاً بالأسيد وطعنه بسكين    إحباط تهريب 590 كجم «قات» بمنطقتي عسير وجازان    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    الليث يتزعم بطولتي جازان    الهدى يسيطر على بطولة المبارزة    12 اتحادا تختار إداراتها الجديدة    برامج تثقيفية وتوعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري    إعلان أسماء 60 مشاركاً من 18 دولة في احتفال "نور الرياض 2024"    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    بيان سعودي فرنسي عن الاجتماع الثاني بشأن العُلا    الأربعاء المقبل.. أدبي جازان يدشن المرحلة الأولى من أمسيات الشتاء    السيطرة على قريتين .. تقدم روسي شرق أوكرانيا    وزير التجارة: منع الاستخدام التجاري لرموز وشعارات الدول والرموز والشعارات الدينية والطائفية    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي "    «الداخلية»: ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    مدرب البرتغال يؤكد أهمية التأهل لدور الثمانية بدوري أمم أوروبا    ضيف الرأي: الفنانة التشكيلية مروة النجار    إطلاق مركز (Learning Hub) للتعامل مع التهديدات الصحية المعقدة    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    المربع الجديد استعرض مستقبل التطوير العمراني في معرض سيتي سكيب العالمي 2024    مصرع 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق بمستشفى في الهند    يدعوان جميع البلدان لتعزيز خطط العمل الوطنية    استمرار تشكل السحب الممطرة على جازان وعسير والباحة ومكة    مهرجان صبيا.. عروض ترفيهية فريدة في "شتاء جازان"    سوق بيش الأسبوعي.. وجهة عشاق الأجواء الشعبية    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    ترامب ينشئ مجلسا وطنيا للطاقة ويعين دوغ بورغوم رئيسا له    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    رونالدو يقود البرتغال للفوز على بولندا والتأهل لدور الثمانية بدوري الأمم    "أخضر الشاطئية" يتغلب على ألمانيا في نيوم    زيلينسكي يقول إن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    "سدايا" تنشر ورقتين علميتين في المؤتمر العالمي (emnlp)    نجاح قياس الأوزان لجميع الملاكمين واكتمال الاستعدادات النهائية لانطلاق نزال "Latino Night" ..    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    في أي مرتبة أنتم؟    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجلس العسكري المصري بين تجاربه وقناعاته
نشر في الحياة يوم 28 - 07 - 2011

في الرحلة بين ميدان التحرير وميدان العباسية تغيّر مزاج شباب الثورة المصرية، وكذلك أداء المجلس العسكري الذي بات يُنظر اليه باعتباره كياناً مرشحاً للخلع طالما أنه «الحاكم». ولا شك في ان هذه المراوحة في المرحلة الانتقالية مقلقة للمصريين والعرب ولجهات دولية كثيرة، خصوصاً أنها توحي من حين الى آخر بأن خيطاً رفيعاً جداً يفصل بين الإمساك بالوضع والانزلاق الى الفوضى.
بعد تنحي الرئيس السابق، آلت المسؤولية كلها الى المجلس العسكري، وسط اعتقاد عام بأن العسكر يعرفون البلد جيداً، والأهم أنهم يعرفون كفاءاته وطاقاته استناداً الى ما تجلى من اختياراتهم لبعض الأشخاص وانتدابهم للعمل الحكومي. يقتضي الإنصاف القول ان العسكر انطلقوا من مقدار مهم من النيات الحسنة، فبياناتهم المقتضبة والمدروسة عبرت عن تفكير ايجابي سليم يذهب في اتجاه تحقيق «أهداف الثورة». وحتى الآن لم تشِ خطواتهم برغبة في مواصلة الاستئثار بالحكم، وإنما أشارت الى تخبط في الأولويات وسوء تخطيط، ما عنى أحد احتمالين: إما أنهم تلقوا في المراحل الأولى استشارات تبين لاحقاً أنها غير صائبة (بالنظر الى التذبذب الذي اتسمت به ادارة الاستفتاء على تعديل الدستور وبرمجة مواعيد الانتخابات...)، وإما أنهم استمعوا الى الاستشارات ثم بلوروا مفاهيم خاصة لما يمكن/ أو يجب أن يكون بغضّ النظر عما اذا كانت تتفق أو تختلف مع طموحات الشارع.
في البداية، اصطدم العسكر وشباب الثورة معاً بما سمي فلول النظام السابق، الأمر الذي أنهى التردد وعجّل في اعتقال رموز ذلك النظام، اذ اعتبر العسكر أن هؤلاء يستهدفون إرباكه أكثر مما يتحركون لمواجهة الآخرين. وشكلت نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية صدمة للوسط السياسي والشبابي المؤيد للثورة الذي ارتاب بأن ثمة إرهاصاً ل «تفاهمات» أو تحالفات يبنيها العسكر مع جماعة «الإخوان المسلمين» من جهة، وفلول النظام السابق من جهة أخرى، وهو ما لم تؤكده الأحداث، وجاء الحكم القضائي بحلّ الحزب الوطني (الحاكم سابقاً) لينفي مراهنة العسكر عليه. لكن بعد تأخر محاكمات الرموز الأساسيين واستمرار الهجمات المنسوبة الى «بلطجية»، ثم محاولة تبرئة المتورطين بقتل المتظاهرين، تصاعد الاعتقاد بأن ثمة «ثورة مضادة» تستند الى «تفهّم» ما من جانب المجلس العسكري أو الى مصالحه أو الى حساباته المستقبلية.
قد يرى كثيرون خارج مصر أن «شباب الثورة» باتوا مبالغين يميلون الى التطرف في مطالبهم وتحركاتهم وردود أفعالهم، وأنهم لم يعودوا راغبين أو قادرين على مغادرة الشارع مخافة أن يخسروا دورهم ونفوذهم وحتى وجودهم السياسي الذي تتهافت الأحزاب القديمة والجديدة على استقطابه والاستحواذ عليه. لا شك في أن بعضاً مهماً من المجتمع المصري يشاطر الخارج هذه النظرة انطلاقاً من تعجّله استقراراً يعيد النشاط الاقتصادي والسياحي الى المستويات التي كان عليها قبل الثورة. والعبرة البديهية هنا وجوب اتاحة هدوء ضروري للمجلس العسكري كي يقود المرحلة الانتقالية الى نهاية سليمة وقريبة. لكن تطورات الاسابيع الأخيرة بيّنت وجود تعارض بين منطقين، بل مفهومين، لكيفية اجتثاث النظام السابق وثقافة الحكم التي قام عليها. وفي هذا الاطار يُفهم اصرار الشارع على محاكمات وشيكة أمام القضاء المدني لا العسكري، توخياً للعلنية والشفافية، وتُفهم أيضاً المطالبة بالاستغناء عن وزراء معينين لأنهم يعملون بذهنية العهد السابق وربما مع رموزه، كما تُفهم أخيراً المواقف الناقدة والسلبية حيال المجلس العسكري.
ينبغي التنبه الى أن المجلس ورث تركة ثلاثة عقود خلّفت جبالاً من الإشكالات، كما وجد نفسه أمام تحدٍ لم يكن مهيأً له. فتصفية النظام السابق لا تتعلق بعهد حسني مبارك فحسب وإنما بعهود كانت المؤسسة العسكرية عمادها، على رغم تفاوت تقويم المصريين لكلٍ منها على حدة. لم يكن للعسكر تصور مسبق ل «ما بعد الثورة» ولعلهم توقعوا استثماراً مريحاً للدور الذي أدّوه خلال الثورة. ومع دخول تولّيهم المسؤولية الشهر السادس، ليس مؤكداً أنهم توصلوا الى رؤية متكاملة لعملية انتقال السلطة. صحيح أنهم قدّموا جدول مواعيد «مبدئية» للانتخابات، إلا أن بعض الاستحقاقات لا يزال مصدر صداع وإحراج لهم. ومنها أولاً مصير كبيرهم العسكري الذي كان رئيساً يبجّلونه وتتزايد عليهم ضغوط شعبية لمحاكمته وبالتالي إدانته، وضغوط مضادة لتفادي المحاكمة والادانة هاتين، حتى بلغ الأمر حد انتظار وفاته أو توقعها لعلها تحلّ المشكلة. وحجة «شباب الثورة» أن المحاسبة على الأخطاء والفساد يجب أن تبدأ قبل بزوغ النظام المقبل. أما الاستحقاق الآخر فيسمى «الحكم المدني» الذي وافق العسكر عليه في طيات بياناتهم، لكنهم لا يزالون واقعياً في طور استساغته واستيعاب ما يمكن أن يعنيه عملياً وما هي تداعيات تطبيقه على موقعهم في مؤسسة الحكم. وعلى رغم أنهم يبدون كل التفهم لهذا المطلب الاستراتيجي للثورة ولكونه مساراً لا بدّ منه في المستقبل، إلا أنه يتطلب من مؤسستهم «عقيدة» جديدة لوظيفتها ودورها لا تستطيع رسمها بمفردها بل بمشاركة وتوافق مع المستوى السياسي المدني بعد أن يُنتخب ويتولّى. ولعل استمرار الغموض في شأن هذه «العقيدة» هو ما يفسر حراك العسكر والمدنيين على خطوط متوازية، متعارضة أحياناً كثيرة، من دون تشاركهما في بلورة الخيارات المقبلة. ثم إن احتمالات الصفقات والتسويات تفرض على الأحزاب والهيئات المدنية مواقف متذبذبة من توجهات العسكر.
مَن قال أو اعتقد ان المراحل الانتقالية في «الربيع العربي» ستكون سهلة أو سلسة، فهو ارتكب خطأين: أولهما عدم الاعتراف بأخطاء النظم السابقة وارتكاباتها التي جرّبت فرض طبيعة ثانية على الناس. والثاني عدم توقع الصعوبات الطبيعية لأن الأمر لا يتعلق بآلات تتلقى أوامر برمجية بل ب «مجتمع انساني» يفترض أنه استعاد حرياته ولا بدّ من أن يخوض معتركاته وصراعاته قبل أن يجد توافقاته وتعاقداته الجديدة. ويُحسب للمجلس العسكري أنه، وإن لم يعترف، أخطأ في بعض الأحيان بسبب عدم خبرته بالحكم المباشر ثم بادر الى تصحيح أخطائه، واستجاب مراراً لضغوط «ميدان التحرير» عندما لمس صحة أحكامها. لكن يؤخذ عليه أنه لم يهتم بتبديد توجس مصريين كثر بأنه لا يستبعد الاحتفاظ بالحكم، وهذا ما يفسر استمرار الإقبال على حشود يوم الجمعة.
* كاتب وصحافي لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.