يستعد المنتخب الجزائري لكرة القدم لخوض رابع مونديال، والثاني على التوالي في مشواره الذي بدأ رسمياً غداة الاستقلال، ليكون سليل منتخب جبهة التحرير الذي صدح بالقضية الجزائرية خلال ثورته المجيدة. ويسعى «الخضر» بحسب مهاجمه سليماني إلى «ترك بصمته في مونديال البرازيل بأداء جيد ومردود طيب يتوج ببلوغ الدور الثاني»، وهو ما يحلم به القائمون على منتخب الجزائر. يقول رئيس اتحاد الكرة محمد روراوة في تصريحات من البرازيل: «هدفنا الرئيس بلوغ الدور الثاني لأول مرة في تاريخ الكرة الجزائرية»، مضيفاً: «نسعى جاهدين لأجل ذلك، ولإسعاد الشعب». ويتوافق حلم رئيس اتحاد الكرة الجزائري مع مدرب «الخضر» البوسني وحيد خاليلوفيتش الذي أكد لحظة وصوله إلى البرازيل: «انتظرنا هذا منذ ثلاثة أعوام، وها نحن اليوم هنا، عملنا جاهدين للوصول إلى ذلك»، مشيراً إلى أن «الاستعدادات الأخيرة التي توّجت بالفوز على أرمينيا (3-1) ورومانيا (2-1) أعطتنا الكثير من الرضا، لذا جئنا إلى هنا متسلحين بالأمل»، مؤكداً أن مهمة الجزائر في غاية الصعوبة، لكنها ليست مستحيلة، خصوصاً وأن المنتخب بدأ جاهزاً للمعترك. ويسعى حامل أحلام العرب في المونديال منتخب الجزائر إلى «القتال» حتى «الرمق الأخير»، لتحقيق حلم طال عمره 32 عاماً. وسجلت الجزائر أول مشاركة عام 1982 بإسبانيا بأحرف من ذهب، لأنها مكّنت شعباً بكامله من قضاء ليلة خالدة بعد الفوز التاريخي على العملاق الألماني (ألمانيا الغربية آنذاك)، الفائزة باللقب مرتين عامي 1954 و1974، قبل أن تضيف الثالث عام 1990. ولا ينسى التاريخ 16 حزيران (يونيو) 1982، يوم أن أطاح منتخب مغمور بنجومه الشبان مثل رابح ماجر والأخضر بلومي وصالح عصاد بالعملاق الألماني، الذي لم يصمد أمام فريق مكون من لاعبين صغار القامة، بعد أن أبطلوا ماكيناته بفضل عزيمتهم وإرادتهم، واضعين بصمة لن تنسى للكرة الجزائرية والعربية. لكن الفوز المثير على ألمانيا (2-1) في مباراة تاريخية، ثم على شيلي (3-2)، قبل السقوط أمام النمسا (0-1) لم يكن كافياً لبلوغ الدور الثاني بعد مؤامرة الألمان وجيرانهم النمسويين. وعلى رغم أن المؤامرة آلمت كثيراً «الخضر»، إلا أن ذلك لم يمنعهم من مواصلة التعملق قارياً والتأهل للمرة الثانية توالياً للمونديال، وهذه المرة إلى مونديال المكسيك 1986. وعلى خلاف المشاركة الأولى في إسبانيا، فإن النتائج لم تكن مرضية في المشاركة الثانية على رغم أن التشكيلة لم تختلف كثيراً، وعلى رغم الأداء الجيد ضد أرلندا الشمالية (1-1) والبرازيل (0-1). غير أن الهزيمة القاسية (0-3) أمام إسبانيا غيبت نجم هذا المنتخب، الذي لم يكن يستحق الإقصاء الباكر عطفاً على تألقه اللافت والمميز أمام نجوم السامبا في صورة زيكو وسوكراتيس وجونيور وغيرهم، حتى أن المعلقين الأجانب تساءلوا وقتها: أيهم البرازيل؟ وبعد فترة فراغ رهيبة وغياب عن العرس العالمي دام 24 عاماً، تمكن جيل جديد من اللاعبين «الحماسيين» بقيادة المدرب المخضرم رابح سعدان «الشيخ» من إعادة ذكريات المونديال للجزائريين بعد نجاحه في التأهل إلى مونديال 2010 في جنوب أفريقيا. ويبقى تاريخ 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 وملعب أم درمان في الخرطوم (السودان) شاهداً على هدف تاريخي وقّعه المدافع عنتر يحيى في مرمى الحارس المصري «السد العالي» عصام الحضري في المباراة الفاصلة. وكما في المرة السابقة خرج منتخب «الخضر» يجر أذيال الخيبة في مشاركته الثالثة من دون أن يحقق مبتغاه ببلوغ الدور الثاني، بل إن أداء لاعبيه في مجموعة تضم سلوفينيا وإنكلترا وأميركا كان باهتاً جداً، ولم تفلح خطوطه الأمامية في تسجيل أي هدف بالدور الأول الذي خرج منه بخفٍ فارغ. وفي ثلاث مشاركات خلال نهائيات كأس العالم لعبت الجزائر تسع مباريات، فازت في مقابلتين وتعادلت في اثنتين وانهزمت في خمس. وسجل المنتخب الجزائري 6 أهداف في مقابل 12 تلقتها شباكه، بينما يبقى المهاجم الفذ صالح عصاد هدافه في النهائيات بهدفين في نهائيات مونديال 1982. وعلى خلاف دورة جنوب أفريقيا، يبدو منتخب 2014 أفضل حالاً من حيث تركيبته البشرية بامتلاكه لاعبين ينافسون بأندية أوروبية كبيرة على غرار تايدر (إنتر)، وغلام (نابولي)، وخط هجوم قوي أطاح بأرمينيا (3-1) ورومانيا (2-1)، لكن الشكوك لا تزال تحوم حول خطه الخلفي الذي يشكو ضعفاً كبيراً، وكل ما يأمل به الجزائريون ألا يكون حجز العودة إلى الجزائر مع أوائل الفرق المغادرة!