بدا جلياً ل«الحياة» من خلال جولة أجرتها في ملعب «آرينا كورنثيانز» في ساوباولو، الذي سيشهد افتتاحية كأس العالم لكرة القدم، عدم اكتمال جاهزية جوانب عدة داخل الملعب وخارجه، إذ لا يزال العمل جارياً من أجل التجهيز. وحضر أمس (الأربعاء) عدد كبير من العمال داخل الملعب وخارجه، للقيام بأعمال إنشاءات وصيانة قبل أقل من 24 ساعة على الاحتفالات التي ستسبق مباراة الافتتاح بين البرازيل وكرواتيا. وعلى رغم السعادة التي تغمر عشاق المستديرة في أنحاء المعمورة بانطلاق العرس الكروي الأضخم، إلا أن الأحداث الجارية داخل الدولة المنظمة تنغص على المتابعين، بعد أن توالت الإضرابات في مختلف المدن البرازيلية بسبب الأموال الضخمة التي أنفقتها الحكومة لتنظيم المونديال، والتي بلغت 11 بليون دولار، وتحديداً منذ حزيران (يونيو) عام 2013، حين استغل الشعب البرازيلي إقامة كأس القارات للتعبير عن غضبه وعدم رضاه، بعد أن وعدت الحكومة بالاعتماد على الشركات الخاصة لتمويل عملية تنظيم كأس العالم ونكثت بوعدها لاحقاً، لتقتطع من موازنة الدولة لاستكمال التجهيزات. وشهدت مختلف المدن البرازيلية في حينها أعمال شغب أدت إلى خسائر مادية كبيرة. وكان عمال المترو في ساوباولو أضربوا في الأيام الأخيرة، مطالبين بالحصول على حقوقهم، وتوعدوا بمواصلة تحركهم خلال المونديال في حال لم ينالوا مطالبهم، ما سيؤثر بشكل كبير في الوصول إلى ملعب آرينا كورينتشاس الذي يطلق عليه اسم إيتاكيراو أيضاً، إذ ستجرى المباراة الافتتاحية بين البرازيل وكرواتيا بحضور 66 ألف متفرج، بينهم الرئيسة ديلما روسيف وقادة 11 دولة. ويطالب المضربون بزيادة رواتبهم بنسبة 12,2 في المئة، ورفضوا العرض الذي قدمته حكومة ساوباولو لهم بمنحهم زيادة نسبتها 9,5 في المئة. وبسبب هذا الإضراب شهدت ساوباولو التي يبلغ عدد سكانها نحو 20 مليون نسمة الخميس والجمعة الماضيين حالاً من الفوضى، مع اختناقات حادة في حركة السير، أدت إلى صفوف من السيارات على امتداد 250 كيلومتراً. وعلى رغم أن الخطر يبقى قائماً إلا أنه بدأ يتراجع، إذ أسهمت تدخلات الشرطة العنيفة في بعض الأحيان إلى عدم حماسة الشعب البرازيلي في النزول إلى الشوارع، كما أن الانشقاق بدأ يظهر بين مختلف الجهات والنقابات المعارضة، إذ أعلنت نقابة العمال الذين لا مأوى لهم بأنها لن تلتزم بأي نوع من الإضرابات خلال كأس العالم، وذلك بعد أن تفاوضت مع مسؤولين في الحكومة لأجل بناء منازل للعمال، وقال أحد المتحدثين باسم النقابة لوكالة فرانس برس: «التحرك الذي قمنا به ليس موجهاً ضد كأس العالم، وليس لدينا أدنى رغبة في الإزعاج». كما سيجتمع عمال مترو ساوباولو بعد ظهر اليوم، لكي يقرروا ما إذا كانوا سيضربون مجدداً، وهم يطالبون الحكومة بإعادة 42 عاملاً طردوا من وظيفتهم خلال هذا التحرك. وتستضيف البرازيل على مدى 31 يوماً النسخة ال20 من كأس العالم، بمشاركة 32 منتخباً ستتنافس على إحراز الكأس المرموقة التي تزن 4,970 كيلوغراماً ويبلغ طولها 36 سنتيمتراً من الذهب الخالص عيار 18 قيراطاً. كما شهدت أعمال بناء الملاعب في مختلف المدن البرازيلية تأخيراً كبيراً، حتى أن بعضها لن يكون جاهزاً تماماً لدى انطلاق العرس الكروي، ما استدعى تحذيراً من الاتحاد الدولي، إذ دق الأمين العام جيروم فالكه ناقوس الخطر في آذار (مارس) عام 2012، ووجّه كلاماً قاسياً للجنة المنظمة قبل أن يضطر رئيس «فيفا» جوزيف بلاتر إلى الاعتذار علناً من البرازيل. وكان مقرراً تسليم الملاعب ل«فيفا» في أواخر العام الماضي، لكن معظمها لم يكن جاهزاً حتى أواخر أيار (مايو)، ولم يقم «فيفا» واللجنة المنظمة في عمل تجارب عليها للتأكد من أن جميع المرافق تعمل جيداً. وستكون حاملة اللقب وبطلة أوروبا 2008 و2012 إسبانيا، وحاملة الرقم القياسي في عدد الألقاب خمس مرات البرازيل، والأرجنتين وألمانيا، مرشحات بقوة لإحراز اللقب، وبدرجة أقل فرنسا وإيطاليا وإنكلترا وهولندا والبرتغال. ويسبق المباراة الأولى اليوم (الخميس) مراسم احتفالية تستمر 25 دقيقة مخصصة لتوجيه تحية إلى ثروات البرازيل الثلاث: الطبيعة، والشعب وكرة القدم.